رجلا جعلوا مال الله دولا، وعباده خولا (1) " فقال عثمان لمن حضر: أسمعتموها من رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ قالوا: لا، قال عثمان: ويلك يا أبا ذر أتكذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ فقال أبو ذر لمن حضر: ما تدرون (2) أني صدقت؟ قالوا: لا والله ما ندري، فقال عثمان: ادعوا لي عليا، فلما جاء قال عثمان لأبي ذر: أقصص عليه حديثك في بني أبي العاص، فأعاده فقال عثمان لعلي (عليه السلام): أسمعت هذا من رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ قال: لا، وصدق أبو ذر، فقال: كيف عرفت صدقه؟ قال: لأني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: " ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر " فقال من حضر: أما هذا فسمعناه كلنا من رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال أبو ذر: أحدثكم أني سمعت هذا من رسول الله (صلى الله عليه وآله) فتتهموني؟ ما كنت أظن أني أعيش حتى أسمع هذا من أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله).
وفي خبر آخر بإسناده عن صهبان مولى الأسلميين قال: رأيت أبا ذر يوم دخل به على عثمان، فقال له: أنت الذي فعلت وفعلت، فقال أبو ذر: نصحتك فاستغششتني، ونصحت صاحبك فاستغشني، قال عثمان: كذبت، ولكنك تريد الفتنة وتحبها، قد انغلت الشام علينا، فقال له أبو ذر: اتبع سنة صاحبيك لا يكن لأحد عليك كلام، فقال عثمان: مالك وذلك؟ لا أم لك قال أبو ذر: ما وجدت لي عذرا إلا الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، فغضب عثمان وقال: أشيروا علي في هذا الشيخ الكذاب، إما أن أضربه أو أحبسه أو أقتله، فإنه قد فرق جماعة المسلمين، أو أنفيه من أرض الاسلام، فتكلم علي (عليه السلام) وكان حاضرا فقال: أشير عليك بما قال مؤمن آل فرعون: " وإن يك كاذبا فعليه كذبه، وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم، إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب (3) " فاجابه عثمان بجواب غليظ، وأجابه علي (عليه السلام) بمثله، ولم يذكر الجوابين تذمما منهما.
قال الواقدي: ثم إن عثمان حظر على الناس أن يقاعدوا أبا ذر أو يكلموه