التأمل والنظر ليتبين هل هو ممن يكون منه ما قرف به أم لا، والواجب على الامام فيمن شهد عليه بالزنا وادعى أنه مجبوب أن يأمر بالنظر إليه ويتبين أمره ومثله (1) أمر النبي (صلى الله عليه وآله) في قتل مقاتلة بني قريظة لأنه (صلى الله عليه وآله) أمر أن ينظروا إلى مؤتزر كل من أشكل عليهم أمره، فمن وجدوه قد أثبت قتلوه، ولولا جواز النظر إلى العورة عند الضرورة لما قامت شهادة الزنا، لان من رأى رجلا مع امرأة واقعا عليها متى لم يتأمل أمرها حق التأمل لم تصح شهادته، ولهذا قال النبي (صلى الله عليه وآله) لسعد بن عبادة وقد سألته عمن وجد مع امرأته رجلا أيقتله؟ فقال: " حتى يأتي بأربعة شهداء " فلو لم يكن الشهداء إذا حضروا تعمدوا إلى النظر إلى عورتيهما لإقامة الشهادة كان حضورهم كغيبتهم، ولم تقم شهادة الزنا، لان من شرطها مشاهدة العضو في العضو كالميل في المكحلة.
فإن قيل: كيف جاز لأمير المؤمنين (عليه السلام) الكف عن القتل؟ ومن أي جهة آثره لما وجده أجب؟ وأي تأثير لكونه أجب فيما استحق به القتل وهو نقض العهد؟
قلنا: إنه (صلى الله عليه وآله) لما فوض إليه الامر في القتل والكف كان له أن يقتله على كل حال وإن وجده أجب، لان كونه بهذه الصفة لا يخرجه عن نقض العهد وإنما آثر الكف الذي كان إليه ومفوضا إلى رأيه لإزالة التهمة والشك الواقعين في أمر مارية، ولأنه أشفق من أن يقتله فيتحقق الظن ويلحق بذلك العار، فرأى (عليه السلام) أن الكف أولى لما ذكرناه.
فأما غريب الحديث فقوله: شغر برجليه، يريد رفعهما، وأصله في وصف الكلب إذا رفع رجله للبول، وأما قوله: فإذا إنه أجب، فيعني به المقطوع الذكر، لان الجب هو القطع، ومنه بعير أجب، إذا كان مقطوع السنام، وقد ظن بعض من تأول هذا الخبر أن الا مسح ههنا هو قليل لحم الالية، وهذا غلط لان الوصف بذلك لا معنى له في الخبر، وإنما أراد تأكيد الوصف له بأنه أجب، والمبالغة