بالصاع الأول، وكساه شملتين، وأمره أن يلزم المسجد ويرقد فيه بالليل، فمكث بذلك ما شاء الله حتى كثر الغرباء ممن يدخل في الاسلام من أهل الحاجة بالمدينة وضاق بهم المسجد، فأوحى الله عز وجل إلى نبيه (صلى الله عليه وآله): أن طهر مسجدك، و أخرج من المسجد من يرقد فيه بالليل، ومر بسد أبواب كل من كان له في مسجدك باب إلا باب علي ومسكن فاطمة (عليهما السلام)، ولا يمرن فيه جنب، ولا يرقد فيه غريب قال: فأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بسد أبوابهم إلا باب علي (عليه السلام)، وأقر مسكن فاطمة صلى الله عليها على حاله، قال: ثم إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمر أن يتخذ للمسلمين سقيفة فعملت لهم وهي الصفة، ثم أمر الغرباء والمساكين أن يظلوا فيها نهارهم و ليلهم، فنزلوها واجتمعوا فيها، فكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يتعاهدهم بالبر والتمر و الشعير والزبيب إذا كان عنده، وكان المسلمون يتعاهدونهم ويرقونهم (1) لرقة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ويصرفون صدقاتهم إليهم فان (2) رسول الله (صلى الله عليه وآله) نظر إلى جويبر ذات يوم برحمة منه له ورقة عليه، فقال: يا جويبر لو تزوجت امرأة فعففت بها فرجك و أعانتك على دنياك وآخرتك، فقال له جويبر: يا رسول الله بأبي أنت وأمي من يرغب في؟ فوالله ما من حسب ولا نسب ولا مال ولا جمال، فأية امرأة ترغب في؟
فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا جويبر إن الله قد وضع بالاسلام من كان في الجاهلية شريفا، وشرف بالاسلام من كان في الجاهلية وضيعا، وأعز بالاسلام من كان في الجاهلية ذليلا، وأذهب بالاسلام ما كان من نخوة الجاهلية وتفاخرها بعشائرها وباسق أنسابها، فالناس اليوم كلهم أبيضهم وأسودهم وقرشيهم وعربيهم وعجميهم من آدم، وإن آدم (عليه السلام) خلقه الله من طين، وإن أحب الناس إلى الله عز وجل يوم القيامة أطوعهم له وأتقاهم، وما أعلم يا جويبر لأحد من المسلمين عليك اليوم فضلا إلا لمن كان أتقى لله منك وأطوع، ثم قال له: انطلق يا جويبر إلى زياد بن لبيد فإنه من أشرف بني بياضة حسبا فيهم فقل له: إني رسول رسول الله إليك