2 - إعلام الورى: بعد فتح مكة بعث رسول الله صلى الله عليه وآله السرايا فيما حول مكة يدعون إلى الله عز وجل ولم يأمرهم بقتال، فبعث غالب بن عبد الله إلى بني مدلج فقالوا:
لسنا عليك ولسنا معك، فقال الناس: اغزهم يا رسول الله، فقال: إن لهم سيدا أديبا أريبا ورب غاز من بني مدلج شهيد في سبيل الله، وبعث عمرو بن أمية الضمري إلى بني الديل فدعاهم إلى الله ورسوله فأبوا أشد الاباء، فقال الناس: اغزهم يا رسول الله فقال: أنا كم الآن سيدهم قد أسلم فيقول لهم: أسلموا، فيقولون: نعم، وبعث عبد الله بن سهيل بن عمرو إلى بني محارب بن فهر فأسلموا، وجاء معه نفر منهم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، وبعث خالد بن الوليد إلى بني جذيمة بن عامر، وقد كانوا أصابوا في الجاهلية من بني المغيرة نسوة، وقتلوا عم خالد فاستقبلوه وعليهم السلاح، و قالوا: يا خالد إنا لم نأخذ السلاح على الله وعلى رسوله، ونحن مسلمون فانظر فإن كان بعثك رسول الله صلى الله عليه وآله ساعيا فهذه إبلنا وغنمنا فاغد عليها، فقال: ضعوا السلاح قالوا: إنا نخاف منك أن تأخذنا بإحنة الجاهلية، وقد أماتها الله ورسوله، فانصرف عنهم بمن معه فنزلوا قريبا، ثم شن عليهم الخيل فقتل وأسر منهم رجلا، ثم قال:
ليقتل كل رجل منكم أسيره فقتلوا الاسرى وجاء رسولهم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فأخبره بما فعل خالد بهم، فرفع عليه السلام يده إلى السماء وقال: " اللهم إني أبرء إليك مما فعل خالد " وبكى ثم دعى عليا عليه السلام فقال: اخرج إليهم وانظر في أمرهم، وأعطاه سفطا من ذهب ففعل ما أمره وأرضاهم (1).
3 - أقول: قال ابن الأثير في الكامل: وفي هذه السنة يعني سنة ثمان بعد الفتح كانت غزاة خالد بن الوليد بني جذيمة، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله قد بعث السرايا بعد الفتح فيما حول مكة يدعون الناس إلى الله، ولم يأمرهم بقتال وكان ممن بعث خالد بن الوليد بعثه داعيا ولم يبعثه مقاتلا، فنزل على الغميصاء: ماء من مياه بني جذيمة بن عامر، وكانت جذيمة أصابت في الجاهلية عوف بن عبد عوف أبا عبد الرحمن، و الفاكه بن المغيرة عم خالد، وأخذوا ما معهما (2)، فلما نزل خالد ذلك الماء أخذ