في أثرها: أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وزبير بن (1) العوام، وأخبرهما خبر الصحيفة، فقال: " إن أعطتكم (2) الصحيفة فخلوا سبيلها وإلا فاضربوا عنقها " فلحقا سارة فقالا: أين الصحيفة التي كتبت معك يا عدوة الله؟ فحلفت بالله ما معي (3) كتاب ففتشاها فلم يجدا معها شيئا، فهما بتركها، ثم قال أحدهما: والله ما كذبنا ولا كذبنا فسل سيفه فقال: أحلف بالله لا أغمده حتى تخرجين الكتاب أو يقع في رأسك، فزعموا أنه علي بن أبي طالب، قالت: فلله عليكما الميثاق، إن أعطكما الكتاب لا تقتلاني ولا تصلباني ولا ترداني إلى المدينة؟ قالا: نعم، فأخرجته من شعرها فخليا سبيلها، ثم رجعا إلى النبي صلى الله عليه وآله فأعطياه الصحيفة فإذا فيها: من حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة إن محمدا قد نفر، فإني لا أدري إياكم أراد أو غيركم، فعليكم بالحذر.
فأرسل رسول الله صلى الله عليه وآله إليه فأتاه فقال تعرف هذا الكتاب يا حاطب؟ قال:
نعم، قال: فما حملك عليه، فقال: أما والذي أنزل عليك الكتاب ما كفرت منذ آمنت، ولا أجبتهم منذ فارقتهم، ولكن لم يكن أحد من أصحابك إلا ولهم (4) بمكة عشيرة غيري، فأحببت أن أتخذ عندهم يدا، وقد علمت أن الله منزل بهم بأسه ونقمته، وأن كتابي لا يغني عنهم شيئا، فصدقه رسول الله صلى الله عليه وآله وعذره، فأنزل الله: " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة (5) ".
31 - الكافي: علي، عن أبيه، عن حنان، عن أبيه، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
صعد رسول الله صلى الله عليه وآله المنبر يوم فتح مكة فقال: أيها الناس إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتفاخرها بآبائها، ألا إنكم من آدم، وآدم من طين، ألا إن خير عباد الله عبد اتقاه إن العربية ليسب بأب والد، ولكنها لسان ناطق، فمن قصر به عمله لم يبلغ حسبه، ألا إن كل دم كان في الجاهلية أو إحنة - والأحنة: الشحناء - فهي تحت قدمي هذه إلى يوم القيامة (6).