لها عقل، وكانت قد اتبعت رسول الله صلى الله عليه وآله فجاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقالت:
إن ابن عمي عكرمة قد هرب منك إلى اليمن، وخاف أن تقتله فآمنه، قال: " قد آمنته بأمان الله، فمن لقيه فلا يتعرض له " فخرجت في طلبه فأدركته في ساحل من سواحل تهامة وقد ركب البحر، فجعلت تلوح إليه وتقول: يا ابن عم جئتك من عند أوصل الناس وأبر الناس وخير الناس، لا تهلك نفسك وقد استأمنت لك فآمنك، فقال: أنت فعلت ذلك؟ قلت: (1) نعم أنا كلمته فآمنك، فرجع معها فلما دنا من مكة قال رسول الله صلى الله عليه وآله لأصحابه: " يأتيكم عكرمة مهاجرا (2) فلا تسبوا أباه فإن سب الميت يؤذي الحي ولا يبلغ " قال: فقدم عكرمة فانتهى إلى باب رسول الله صلى الله عليه وآله وزوجته معه متنقبة قالت: فاستأذنت على رسول الله صلى الله عليه وآله فدخلت فأخبرت رسول الله بقدوم عكرمة فاستبشر، وقال: أدخليه، فقال: يا محمد إن هذه أخبرتني أنك آمنتني، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " صدقت (3) فأنت آمن " قال عكرمة: فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، و أنك عبده ورسوله، وقلت: أنت أبر الناس وأوفى الناس، أقول ذلك وإني لمطأطئ الرأس استحياء منه، ثم قلت: يا رسول الله استغفر لي كل عداوة عاديتكها أو مركب أوضعت فيه أريد به إظهار الشرك، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " اللهم اغفر لعكرمة كل عداوة عادانيها، أو منطق تكلم به، أو مركب أوضع فيه يريد أن يصد عن سبيلك " فقلت: يا رسول الله صلى الله عليه وآله مرني بخير ما تعلم فأعمله (4)، قال: " قل:
أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وجاهد في سبيل الله " ثم قال عكرمة: أما والله (5) لا أدع نفقة كنت أنفقها في صد عن سبيل الله إلا أنفقت ضعفها في سبيل الله، ولا قتالا كنت أقاتل في صد عن سبيل الله إلا أبليت ضعفه في سبيل الله، ثم اجتهد في القتال حتى قتل في خلافة أبي بكر.