فقتل علي عليه السلام مقاتليهم، وسبا ذراريهم، وأخذ أموالهم، وأقبل بسبيهم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وآله فخرج وجميع أصحابه حتى استقبل علي عليه السلام (1) على ثلاثة أميال من المدينة، وأقبل النبي صلى الله عليه وآله يمسح الغبار عن وجه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام بردائه، ويقبل بين عينيه ويبكي، وهو يقول: " الحمد الله يا علي الذي شد بك أزري، وقوي بك ظهري، يا علي إنني سألت الله فيك كما سأل أخي موسى بن عمران صلوات الله وسلامه عليه أن يشرك هارون في أمره، وقد سألت ربي أن يشد بك أزري " ثم التفت إلى أصحابه وهو يقول: " معاشر أصحابي لا تلوموني في حب (2) علي بن أبي طالب عليه السلام، فإنما حبي عليا من أمر الله، و الله أمرني أن أحب عليا وأدنيه، يا علي من أحبك فقد أحبني ومن أحبني فقد أحب الله، ومن أحب الله أحبه الله وحقيق (3) على الله أن يسكن محبيه الجنة، يا علي من أبغضك فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض الله، ومن أبغض الله أبغضه ولعنه، وحقيق (4) على الله أن يقفه يوم القيامة موقف البغضاء ولا يقبل منه صرفا ولا عدلا (5).
بيان: خفقت الراية تخفق بالضم والكسر: اضطربت، وآلى وتألى أي حلف والجمان بالضم جمع الجمانة، وهي حبة تعمل من الفضة كالدرة. والملاط بالكسر الطين الذي يجعل بين سافتي البنا. وقال الفيروزآبادي: أنجد عرق، وأعان، و ارتفع، والدعوة: أجابها والنجدة: القتال، والشجاعة، والشدة، والضيغم:
الأسد. والقرم بالفتح: الفحل، والسيد. والغشمشم: من يركب رأسه فلا يثنيه عن مراده شئ.
أقول: إنما أوردت تلك الغزوة في هذا الموضع تبعا للمؤرخين، وقد مر أن المفيد رحمه الله ذكرها في موضعين غير هذا، والله أعلم.