الأنصار حتى جثا بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله، وهو يقول: السلام عليك يا رسول الله فداك أبي وأمي يا رسول الله، فقال النبي صلى الله عليه وآله:
عليك السلام من أنت يا أعرابي؟ قال: رجل من بني لجيم يا رسول الله، فقال النبي صلى الله عليه وآله: " ما وراك بما جاء لجيم؟ (1) " قال: يا رسول الله خلفت خثعم (2) و قد تهيأوا وعبأوا كتائبهم، وخلفت الرايات تخفق فوق رؤسهم، يقدمهم الحارث ابن مكيدة الخثعمي في خمسمائة من رجال خثعم، يتألون باللات والعزى أن لا يرجعوا حتى يردوا المدينة فيقتلوك (3) ومن معك يا رسول الله، قال: فدمعت عينا النبي صلى الله عليه وآله حتى أبكى جميع أصحابه، ثم قال: " يا معشر الناس سمعتم مقالة الاعرابي؟ " قالوا: كل قد سمعنا يا رسول الله، قال: " فمن منكم يخرج إلى هؤلاء القوم قبل أن يطؤنا في ديارنا وحريمنا، لعل الله يفتح على يديه، وأضمن له على الله الجنة؟ قال: فوالله ما قال أحد: أنا يا رسول الله، قال: فقام النبي صلى الله عليه وآله على قدميه وهو يقول: " معاشر أصحابي هل سمعتم مقالة الاعرابي؟ " قالوا: كل قد سمعنا يا رسول الله، قال: " فمن منكم يخرج إليهم قبل أن يطؤنا (4) في ديارنا وحريمنا، لعل الله أن يفتح على يديه، وأضمن له على الله اثنى عشر قصرا في الجنة " قال: فوالله ما قال أحد: أنا يا رسول، قال: فبينما النبي صلى الله عليه وآله واقف إذ أقبل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، فلما نظر إلى النبي صلى الله عليه وآله واقفا ودموعه (5) تنحدر كأنها جمان انقطع سلكه على خديه لم يتمالك أن رمى بنفسه عن بعيره إلى الأرض ثم أقبل يسعى نحو النبي صلى الله عليه وآله يمسح بردائه الدموع عن وجه رسول الله صلى الله عليه وآله و هو يقول: ما الذي أبكاك؟ لا أبكى الله، عينيك يا حبيب الله، هل نزل في أمتك شئ من السماء؟ قال: " يا علي ما نزل فيهم إلا خير، ولكن هذا الاعرابي حدثني عن رجال خثعم بأنهم قد عبأوا كتائبهم، وخفقت الرايات فوق رؤسهم، يكذبون