لتحصيل أقوات الأنفس والعيال من الطيب الحلال، عرفهم الله عز وجل أن خيار المؤمنين سيحتملون هذه البلايا، ويتخلصون منها، ويحاربون الشياطين و يهزمونهم، ويجاهدون أنفسهم بدفعها عن شهواتها، ويغلبونها مع ما ركب فيهم من شهوة (1) الفحولة وحب اللباس والطعام والعز والرياسة والفخر والخيلاء ومقاساة العناء (2) والبلاء من إبليس لعنه الله وعفاريته، وخواطرهم وإغوائهم و استهوائهم، ودفع ما يكابدونه (3) من ألم الصبر على سماع الطعن (4) من أعداء الله وسماع الملاهي والشتم لأولياء الله، ومع ما يقاسونه في أسفارهم لطلب أقواتهم والهرب من أعداء دينهم، والطلب لما يأملون معاملته من مخالفيهم في دينهم، قال الله عز وجل: يا ملائكتي وأنتم من جميع ذلك بمعزل، لا شهوات الفحولة تزعجكم ولا شهوة الطعام تحفزكم (5) ولا خوف من أعداء دينكم (6) ودنياكم ينخب في قلوبكم، ولا لإبليس في ملكوت سماواتي وأرضي شغل (7) على إغواء ملائكتي الذين قد عصمتهم منهم، يا ملائكتي فمن أطاعني منهم وسلم دينه من هذه الآفات والنكبات فقد احتمل في جنب محبتي ما لم تحتملوا، واكتسب من القربات إلي ما لم تكتسبوا فلما عرف الله ملائكته فضل خيار أمة محمد صلى الله عليه وآله وشيعة علي و خلفائه (8) عليهم السلام واحتمالهم في جنب محبة ربهم ما لا تحتمله (9) الملائكة أبان بني آدم الخيار المتقين بالفضل عليهم، ثم قال: فلذلك فاسجدوا لآدم لما كان مشتملا على أنوار هذه الخلائق الأفضلين، ولم يكن سجودهم لآدم، إنما كان آدم قبلة لهم
(٢٢٨)