عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين " فإنه كان سبب غزات (1) حنين أنه لما خرج رسول الله صلى الله عليه وآله إلى فتح مكة أظهر أنه يريد هوازن، وبلغ الخبر الهوازن (2) فتهيئوا وجمعوا الجموع والسلاح واجتمع رؤساء هوازن إلى مالك بن عوف النضري (3) فرأ سوه عليهم، وخرجوا وساقوا معهم أموالهم ونساءهم و ذراريهم، ومروا حتى نزلوا بأوطاس، وكان دريد بن الصمة الجشمي في القوم، و كان رئيس جشم، وكان شيخا كبيرا قد ذهب بصره (4) فلمس الأرض بيده فقال:
في أي واد أنتم؟ قالوا: بوادي أوطاس، قال: نعم مجال خيل، لا حزن ضرس، ولا سهل دهس، مالي أسمع رغاء البعير، ونهيق الحمار، وخوار البقر، وثغاء الشاة وبكاء الصبي؟ فقالوا (5): إن مالك بن عوف ساق مع الناس أموالهم ونساءهم و ذراريهم ليقاتل كل امرئ عن نفسه وماله وأهله، فقال دريد: راعي ضأن ورب الكعبة، ماله وللحرب؟ ثم قال: ادعوا لي مالكا، فلما جاء (6) قال له: يا مالك ما فعلت؟ قال: سقت مع الناس أموالهم ونساءهم وأبناءهم ليجعل كل رجل أهله وماله وراء ظهره فيكون أشد لحربه، فقال: يا مالك إنك أصبحت رئيس (7) قوم وإنك تقاتل رجلا كريما، وهذا اليوم لما بعده (8) ولم تصنع في تقدمة بيضة هوازن إلى نحور الخيل شيئا، ويحك وهل يلوي المنهزم على شئ؟ أردد بيضة هوازن إلى عليا بلادهم وممتنع محالهم، والق الرجال على متون الخيل، فإنه لا ينفعك إلا رجل بسيفه وفرسه، فإن كان (9) لك لحق بك من وراءك، وإن كانت عليك لا تكون قد فضحت في أهلك وعيالك، فقال له مالك: إنك قد كبرت وكبر