بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥ - الصفحة ١٩٣
بدخول بلد من البلدان ورغبه في ذلك وعرفه ما فيه من الصلاح، أو بمجانبة فعل من الافعال أن يقول: أنا أدخلت فلانا البلد الفلاني، وأنا أخرجته من كذا وكذا، ألا ترى أنه تعالى قد أضاف إخراجهم من النور إلى الظلمات إلى الطواغيت، وإن لم يدل ذلك على أن الطاغوت هو الفاعل للكفر للكفار، بل وجه الإضافة ما تقدم لان الشياطين يغوون ويدعون إلى الكفر، ويزينون فعله، فكيف اقتضت الإضافة الأولى أن الايمان من فعل الله في المؤمن، ولم تقتض الإضافة الثانية أن الكفر من فعل الشياطين في الكفار لولا بله المخالفين وغفلتهم؟ وبعد فلو كان الامر على ما ظنوه لما صار الله وليا للمؤمنين وناصرا لهم على ما اقتضته الآية والايمان من فعله لا من فعلهم، ولما كان خاذلا للكفار ومضيفا لولايتهم إلى الطاغوت والكفر من فعله بهم; ولم فصل بين الكافر والمؤمن في باب الولاية وهو المتولي لفعل الامرين فيهما؟ ومثل هذا لا يذهب على أحد ولا يعرض عنه إلا معاند مغالط لنفسه.
وقال رضي الله عنه في قوله تعالى: " ربنا لا تزغ قلوبنا " فيه وجوه: أولها أن يكون المراد بالآية: ربنا لا تشدد علينا المحنة في التكليف ولا تشق علينا فيه، فيفضي بنا إلى ضيق قلوبنا بعد الهداية، وليس يمتنع أن يضيفوا ما يقع من زيغ قلوبهم عند تشديده تعالى المحنة عليهم إليه، كما قال تعالى في السورة: " إنها زادتهم رجسا إلى رجسهم ". (1) فإن قيل كيف يشدد المحنة عليهم؟ قلنا: بأن يقوى شهواتهم لما في عقولهم (2) ونفورهم عن الواجب عليهم فيكون التكليف عليهم بذلك شاقا، والثواب المستحق عليهم عظيما متضاعفا، وإنما يحسن أن يجعله شاقا تعريضا لهذه المنزلة.
وثانيها أن يكون ذلك دعاءا بالتثبيت على الهداية، وإمدادهم بالألطاف التي معها يستمرون على الايمان.
فإن قيل: وكيف يكون مزيغا لقلوبهم بأن لا يفعل اللطف؟ قلنا: من حيث كان المعلوم أنه متى قطع إمدادهم بألطافه وتوفيقاته زاغوا وانصرفوا عن الايمان، ويجري

(١) التوبة: ١٢٥.
(2) في الأمالي المطبوع هكذا: بأن يقوى شهواتهم لما قبحه في عقولهم.
(١٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 خطبة الكتاب 1
3 * أبواب العدل * باب 1 نفي الظلم والجور عنه تعالى، وإبطال الجبر والتفويض، وإثبات الأمر بين الأمرين، وإثبات الاختيار والاستطاعة، وفيه 112 حديثا. 2
4 باب 2 آخر وهو من الباب الأول، وفيه حديث. 68
5 باب 3 القضاء والقدر، والمشية والإرادة، وسائر أبواب الفعل، وفيه 79 حديثا. 84
6 باب 4 الآجال، وفيه 14 حديثا. 136
7 باب 5 الأرزاق والأسعار، وفيه 13 حديثا. 143
8 باب 6 السعادة والشقاوة، والخير والشر، وخالقهما ومقدرهما، وفيه 23 حديثا. 152
9 باب 7 الهداية والإضلال والتوفيق والخذلان، وفيه 50 حديثا. 162
10 باب 8 التمحيص والاستدراج، والابتلاء والاختبار، وفيه 18 حديثا. 210
11 باب 9 أن المعرفة منه تعالى، وفيه 13 حديثا. 220
12 باب 10 الطينة والميثاق، وفيه 67 حديثا. 225
13 باب 11 من لا ينجبون من الناس، ومحاسن الخلقة وعيوبها اللتين تؤثران في الخلق، وفيه 15 حديثا. 276
14 باب 12 علة عذاب الاستيصال، وحال ولد الزنا، وعلة اختلاف أحوال الخلق، وفيه 14 حديثا. 281
15 باب 13 الأطفال ومن لم يتم عليهم الحجة في الدنيا، وفيه 22 حديثا. 288
16 باب 14 من رفع عنه القلم، ونفي الحرج في الدين، وشرائط صحة التكليف، وما يعذر فيه الجاهل، وأنه يلزم على الله التعريف وفيه 29 حديثا. 298
17 باب 15 علة خلق العباد وتكليفهم، والعلة التي من أجلها جعل الله في الدنيا اللذات والآلام والمحن، وفيه 18 حديثا. 309
18 باب 16 عموم التكاليف، وفيه ثلاثة أحاديث. 318
19 باب 17 أن الملائكة يكتبون أعمال العباد، وفيه 35 حديثا. 319
20 باب 18 الوعد والوعيد، والحبط والتكفير، وفيه حديثان. 331