بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥ - الصفحة ١٩٥
وقد سمى الله تعالى العقاب غيا فقال: " فسوف يلقون غيا " (1) وما قبل هذه الآية يشهد لما ذكرناه، وأن القوم استعجلوا عقاب الله تعالى فقالوا: " يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين قال إنما يأتيكم به الله إن شاء وما أنتم بمعجزين ولا ينفعكم نصحي " الآية، فأخبر أن نصحه لا ينفع من يريد الله أن ينزل به العذاب، ولا يغني عنه شيئا.
وقال جعفر بن حرب: إن الآية تتعلق بأنه كان في قوم نوح طائفة تقول بالجبر فنبههم الله تعالى بهذا القول على فساد مذاهبهم، وقال لهم على طريق الانكار عليهم و التعجب من قولهم: إن كان القول كما تقولون من أن الله يفعل فيكم الكفر والفساد فما ينفعكم نصحي فلا تطلبوا مني نصحا فأنتم على قولكم لا تنتفعون به وهذا جيد.
وروي عن الحسن في هذه الآية وجه صالح وهو أنه قال: المعنى فيها: إن كان الله يريد أن يعذبكم فليس ينفعكم نصحي عند نزول العذاب بكم وإن قبلتموه وآمنتم به، لان من حكم الله تعالى أن لا يقبل الايمان عند نزول العذاب، وكل هذا واضح في زوال الشبهة في الآية.
أقول: إنما بسطنا الكلام فيما نقلناه عن الأفاضل الاعلام في تفسير تلك الآيات من كلام الملك العلام لتحيط خبرا بما ذكره أهل العدل فيها لدفع شبه المخالفين، و سنتلو عليك ما ورد في تأويلها نقلا عن أئمة الدين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ما تتخلص به من شبه المبطلين.
1 - الكافي: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نصر، عن حماد بن عثمان عن أبي عبيدة الحذاء قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الاستطاعة وقول الناس، فقال: - وتلا هذه الآية ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم - يا أبا عبيدة الناس مختلفون في إصابة القول وكلهم هالك، قال: قلت: قوله: " إلا من رحم ربك " قال: هم شيعتنا ولرحمة خلقهم (2) وهو قوله: " ولذلك خلقهم " يقول: لطاعة الامام. " ج 1 ص 429 "

(١) مريم: ٥٩.
(2) في المصدر: ولرحمته. م
(١٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 خطبة الكتاب 1
3 * أبواب العدل * باب 1 نفي الظلم والجور عنه تعالى، وإبطال الجبر والتفويض، وإثبات الأمر بين الأمرين، وإثبات الاختيار والاستطاعة، وفيه 112 حديثا. 2
4 باب 2 آخر وهو من الباب الأول، وفيه حديث. 68
5 باب 3 القضاء والقدر، والمشية والإرادة، وسائر أبواب الفعل، وفيه 79 حديثا. 84
6 باب 4 الآجال، وفيه 14 حديثا. 136
7 باب 5 الأرزاق والأسعار، وفيه 13 حديثا. 143
8 باب 6 السعادة والشقاوة، والخير والشر، وخالقهما ومقدرهما، وفيه 23 حديثا. 152
9 باب 7 الهداية والإضلال والتوفيق والخذلان، وفيه 50 حديثا. 162
10 باب 8 التمحيص والاستدراج، والابتلاء والاختبار، وفيه 18 حديثا. 210
11 باب 9 أن المعرفة منه تعالى، وفيه 13 حديثا. 220
12 باب 10 الطينة والميثاق، وفيه 67 حديثا. 225
13 باب 11 من لا ينجبون من الناس، ومحاسن الخلقة وعيوبها اللتين تؤثران في الخلق، وفيه 15 حديثا. 276
14 باب 12 علة عذاب الاستيصال، وحال ولد الزنا، وعلة اختلاف أحوال الخلق، وفيه 14 حديثا. 281
15 باب 13 الأطفال ومن لم يتم عليهم الحجة في الدنيا، وفيه 22 حديثا. 288
16 باب 14 من رفع عنه القلم، ونفي الحرج في الدين، وشرائط صحة التكليف، وما يعذر فيه الجاهل، وأنه يلزم على الله التعريف وفيه 29 حديثا. 298
17 باب 15 علة خلق العباد وتكليفهم، والعلة التي من أجلها جعل الله في الدنيا اللذات والآلام والمحن، وفيه 18 حديثا. 309
18 باب 16 عموم التكاليف، وفيه ثلاثة أحاديث. 318
19 باب 17 أن الملائكة يكتبون أعمال العباد، وفيه 35 حديثا. 319
20 باب 18 الوعد والوعيد، والحبط والتكفير، وفيه حديثان. 331