بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥ - الصفحة ١٨٢
يختص بها بعض العباد، إما لاستحقاق أو لسبب يقتضي الاختصاص، فإذا حملنا قوله: إلا من رحم ربك على النعمة بالثواب فالاختصاص ظاهر لان النعمة به لا تكون إلا مستحقة فمن استحق الثواب بأعماله وصل إلى هذه النعمة، ومن لم يستحقه لم يصل إليها و إن حملنا الرحمة في الآية على النعمة بالتوفيق للايمان واللطف الذي وقع بعده فعل الايمان كانت هذه النعمة أيضا مختصة لأنه تعالى إنما لم ينعم على سائر المكلفين بها من حيث لم يكن في معلومه أن لهم توفيقا، وأن في الافعال ما يختارون عنده الايمان فاختصاص هذه النعمة ببعض العباد لا يمنع من شمول نعم آخر لهم كما أن شمول تلك النعم لا يمنع من اختصاص هذه. انتهى كلامه رفع الله مقامه.
وقال الزمخشري: ذلك إشارة إلى ما دل عليه الكلام الأول وتضمنه، يعني و لذلك التمكين والاختيار الذي كان عنه الاختلاف خلقهم ليثيب مختار الحق بحسن اختياره، ويعاقب مختار الباطل بسوء اختياره، وتمت كلمة ربك وهي قوله للملائكة:
" لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين " لعلمه بكثرة من يختار الباطل. (1) وقال في قوله تعالى: أفلم ييئس الذين آمنوا أن لو يشاء الله يعني مشية الالجاء والقسر لهدى الناس جميعا ومعنى " أفلم ييئس ": أفلم يعلم; قيل: هي لغة قوم من النخع، وقيل: إنما استعمل اليأس بمعنى العلم لتضمنه معناه لان اليائس عن الشئ عالم بأنه لا يكون كما استعمل الرجاء في معنى الخوف، والنسيان في معنى الترك لتضمن ذلك، ويدل عليه أن عليا وابن عباس وجماعة من الصحابة والتابعين قرؤوا أفلم يتبين وهو تفسير أفلم ييأس ويجوز أن يتعلق أن لو يشاء بآمنوا أي أو لم يقنط عن إيمان هؤلاء الكفرة الذين آمنوا بأن لو يشاء الله لهدى الناس جميعا ولهداهم.
وقال السيد المرتضى رضي الله عنه في كتاب الغرر والدرر: قال الله جل من قائل:
" وإذا أردنا أن نهلك قرية " الآية، في هذه الآية وجوه من التأويل كلها منها يبطل الشبهة

(1) قال السيد الرضى في تلخيص البيان في قوله تعالى: " وتمت كلمة ربك ": هذه استعارة والمراد ههنا بتمام كلمة الله سبحانه صدق وعيده الذي تقدم الخبر به وتمامه وقوع مخبره مطابقا لخبره.
(١٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 خطبة الكتاب 1
3 * أبواب العدل * باب 1 نفي الظلم والجور عنه تعالى، وإبطال الجبر والتفويض، وإثبات الأمر بين الأمرين، وإثبات الاختيار والاستطاعة، وفيه 112 حديثا. 2
4 باب 2 آخر وهو من الباب الأول، وفيه حديث. 68
5 باب 3 القضاء والقدر، والمشية والإرادة، وسائر أبواب الفعل، وفيه 79 حديثا. 84
6 باب 4 الآجال، وفيه 14 حديثا. 136
7 باب 5 الأرزاق والأسعار، وفيه 13 حديثا. 143
8 باب 6 السعادة والشقاوة، والخير والشر، وخالقهما ومقدرهما، وفيه 23 حديثا. 152
9 باب 7 الهداية والإضلال والتوفيق والخذلان، وفيه 50 حديثا. 162
10 باب 8 التمحيص والاستدراج، والابتلاء والاختبار، وفيه 18 حديثا. 210
11 باب 9 أن المعرفة منه تعالى، وفيه 13 حديثا. 220
12 باب 10 الطينة والميثاق، وفيه 67 حديثا. 225
13 باب 11 من لا ينجبون من الناس، ومحاسن الخلقة وعيوبها اللتين تؤثران في الخلق، وفيه 15 حديثا. 276
14 باب 12 علة عذاب الاستيصال، وحال ولد الزنا، وعلة اختلاف أحوال الخلق، وفيه 14 حديثا. 281
15 باب 13 الأطفال ومن لم يتم عليهم الحجة في الدنيا، وفيه 22 حديثا. 288
16 باب 14 من رفع عنه القلم، ونفي الحرج في الدين، وشرائط صحة التكليف، وما يعذر فيه الجاهل، وأنه يلزم على الله التعريف وفيه 29 حديثا. 298
17 باب 15 علة خلق العباد وتكليفهم، والعلة التي من أجلها جعل الله في الدنيا اللذات والآلام والمحن، وفيه 18 حديثا. 309
18 باب 16 عموم التكاليف، وفيه ثلاثة أحاديث. 318
19 باب 17 أن الملائكة يكتبون أعمال العباد، وفيه 35 حديثا. 319
20 باب 18 الوعد والوعيد، والحبط والتكفير، وفيه حديثان. 331