بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥ - الصفحة ١٨٩
من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا، وإذا قلنا: أنه وصف حالهم في الآخرة فالكلام على حقيقته، ويكون عبارة عن ضيق المكان في النار بحيث لا يجدون متقدما ولا متأخرا إذ سد عليهم جوانبهم، وإذا حملناه على صفة القوم الذين هموا بقتل النبي صلى الله عليه وآله فالمراد جعلنا بين أيدي أولئك الكفار منعا ومن خلفهم منعا حتى لم يبصروا النبي صلى الله عليه وآله، وقوله: " فأغشيناهم فهم لا يبصرون " أي أغشيناهم أبصارهم فهم لا يبصرون النبي صلى الله عليه وآله.
وقيل: أي فأعميناهم فهم لا يبصرون الهدى. وقيل: فأغشيناهم بالعذاب فهم لا يبصرون في النار، وقيل: معناه أنهم لما انصرفوا عن الايمان والقرآن لزمهم ذلك حتى لا يكادوا يتخلصون منه بوجه كالمغلول والمسدود عليه طرقه.
وقال في قوله تعالى: " ومن يضلل الله " أي عن طريق الجنة " فماله من هاد " أي لا يقدر على هدايته أحد، وقيل من ضل عن الله ورحمته فلا هادي له، يقال: أضللت بعيري إذا ضل. وقيل: معناه: من يضلله عن زيادة الهدى والالطاف لان الكافر لا لطف له.
وقال في قوله تعالى: " أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين " أي كراهة أن تقول: لو أراد الله هدايتي لكنت ممن يتقي معاصيه. وقيل: إنهم لما لم ينظروا في الأدلة واشتغلوا بالدنيا توهموا أن الله لم يهدهم فرد الله عليهم بقوله: " بلى قد جائتك آياتي " الآية.
وقال الزمخشري: " وقيضنا له ": وقدرنا لهم، يعني لمشركي مكة " قرناء " أخدانا (1) من الشياطين من جمع قرين كقوله: " ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين " (2) فإن قلت: كيف جاز أن يقيض لهم القرناء من الشياطين وهو ينهاهم عن اتباع خطواتهم؟ قلت: معناه أنه خذلهم ومنعهم التوفيق لتصميمهم على الكفر، فلم يبق لهم قرناء سوى الشياطين، والدليل عليه ومن يعش نقيض.
" ما بين أيديهم وما خلفهم " ما تقدم من أعمالهم وما هم عازمون عليها، أوما بين أيديهم

(١) جمع الخدن بكسر الخاء وسكون الدال: الحبيب والصاحب.
(٢) الزخرف: ٣٦.
(١٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 خطبة الكتاب 1
3 * أبواب العدل * باب 1 نفي الظلم والجور عنه تعالى، وإبطال الجبر والتفويض، وإثبات الأمر بين الأمرين، وإثبات الاختيار والاستطاعة، وفيه 112 حديثا. 2
4 باب 2 آخر وهو من الباب الأول، وفيه حديث. 68
5 باب 3 القضاء والقدر، والمشية والإرادة، وسائر أبواب الفعل، وفيه 79 حديثا. 84
6 باب 4 الآجال، وفيه 14 حديثا. 136
7 باب 5 الأرزاق والأسعار، وفيه 13 حديثا. 143
8 باب 6 السعادة والشقاوة، والخير والشر، وخالقهما ومقدرهما، وفيه 23 حديثا. 152
9 باب 7 الهداية والإضلال والتوفيق والخذلان، وفيه 50 حديثا. 162
10 باب 8 التمحيص والاستدراج، والابتلاء والاختبار، وفيه 18 حديثا. 210
11 باب 9 أن المعرفة منه تعالى، وفيه 13 حديثا. 220
12 باب 10 الطينة والميثاق، وفيه 67 حديثا. 225
13 باب 11 من لا ينجبون من الناس، ومحاسن الخلقة وعيوبها اللتين تؤثران في الخلق، وفيه 15 حديثا. 276
14 باب 12 علة عذاب الاستيصال، وحال ولد الزنا، وعلة اختلاف أحوال الخلق، وفيه 14 حديثا. 281
15 باب 13 الأطفال ومن لم يتم عليهم الحجة في الدنيا، وفيه 22 حديثا. 288
16 باب 14 من رفع عنه القلم، ونفي الحرج في الدين، وشرائط صحة التكليف، وما يعذر فيه الجاهل، وأنه يلزم على الله التعريف وفيه 29 حديثا. 298
17 باب 15 علة خلق العباد وتكليفهم، والعلة التي من أجلها جعل الله في الدنيا اللذات والآلام والمحن، وفيه 18 حديثا. 309
18 باب 16 عموم التكاليف، وفيه ثلاثة أحاديث. 318
19 باب 17 أن الملائكة يكتبون أعمال العباد، وفيه 35 حديثا. 319
20 باب 18 الوعد والوعيد، والحبط والتكفير، وفيه حديثان. 331