تعالى والرد لحججه، وهو تعالى إذا أهلك هؤلاء الجبارين فقد صرفهم عن آياته من حيث اقتطعهم عن مشاهدتها والنظر فيها.
وفي قوله تعالى: " يتكبرون في الأرض بغير الحق " وجهان: أحدهما أن يكون ذلك على سبيل التأكيد والتغليظ والبيان عن أن التكبر لا يكون إلا بغير الحق.
والثاني أن في التكبر ما يكون ممدوحا لان من تكبر وتنزه عن الفواحش و تباعد عن فعلها وتجنب أهلها يكون مستحقا للمدح، وإنما التكبر المذموم هو الواقع على وجه النخوة والبغي والاستطالة على ذوي الضعف، والفخر عليهم والمباهات لهم.
ثم المراد بالغفلة في الآية التشبيه لا الحقيقة، ووجه التشبيه أنهم لما أعرضوا عن تأمل آيات الله تعالى والانتفاع بها اشتبهت حالهم حال من كان ساهيا، غافلا عنها كما قال تعالى: " صم بكم عمي " على هذا المعنى: انتهى ملخص كلامه رحمه الله وقد بسط الكلام فيها بما لا مزيد عليه.
وقال رضي الله عنه في قوله تعالى: " يخرجهم من الظلمات إلى النور ": أما النور و الظلمة المذكوران في الآية فجائز أن يكون المراد بهما الايمان والكفر، وجائز أيضا أن يراد بهما الجنة والنار، والثواب والعقاب، وقد تصح الكناية عن الثواب والنعيم في الجنة بأنه نور، وعن العقاب في النار بأنه ظلمة، وإذا كان المراد بهما الجنة و النار ساغ إضافة إخراجهم من الظلمات إلى النور إليه تعالى لأنه لا شبهة في أنه جل وعز هو المدخل للمؤمن الجنة، والعادل به عن طريق النار، والظاهر بما ذكرناه أشبه لأنه يقتضي أن المؤمن الذي ثبت كونه مؤمنا يخرج من الظلمة إلى النور، فلو حمل على الايمان والكفر لتناقض المعنى، ولصار تقدير الكلام: أنه يخرج المؤمن الذي تقدم كونه مؤمنا من الكفر إلى الايمان، وذلك لا يصح; على أنا لو حملنا الكلام على الايمان والكفر لصح ولم يكن مقتضيا لما توهموه، ويكون وجه إضافة الاخراج إليه - وإن لم يكن الايمان من فعله - من حيث دل وبين وأرشد ولطف وسهل، وقد علمنا أنه لولا هذه الأمور لم يخرج المكلف من الكفر إلى الايمان، فتصح إضافة الاخراج إليه لكون ما عددناه من جهته، وعلى هذا يصح من أحدنا إذا أشار على غيره