بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥ - الصفحة ١٩٢
تعالى والرد لحججه، وهو تعالى إذا أهلك هؤلاء الجبارين فقد صرفهم عن آياته من حيث اقتطعهم عن مشاهدتها والنظر فيها.
وفي قوله تعالى: " يتكبرون في الأرض بغير الحق " وجهان: أحدهما أن يكون ذلك على سبيل التأكيد والتغليظ والبيان عن أن التكبر لا يكون إلا بغير الحق.
والثاني أن في التكبر ما يكون ممدوحا لان من تكبر وتنزه عن الفواحش و تباعد عن فعلها وتجنب أهلها يكون مستحقا للمدح، وإنما التكبر المذموم هو الواقع على وجه النخوة والبغي والاستطالة على ذوي الضعف، والفخر عليهم والمباهات لهم.
ثم المراد بالغفلة في الآية التشبيه لا الحقيقة، ووجه التشبيه أنهم لما أعرضوا عن تأمل آيات الله تعالى والانتفاع بها اشتبهت حالهم حال من كان ساهيا، غافلا عنها كما قال تعالى: " صم بكم عمي " على هذا المعنى: انتهى ملخص كلامه رحمه الله وقد بسط الكلام فيها بما لا مزيد عليه.
وقال رضي الله عنه في قوله تعالى: " يخرجهم من الظلمات إلى النور ": أما النور و الظلمة المذكوران في الآية فجائز أن يكون المراد بهما الايمان والكفر، وجائز أيضا أن يراد بهما الجنة والنار، والثواب والعقاب، وقد تصح الكناية عن الثواب والنعيم في الجنة بأنه نور، وعن العقاب في النار بأنه ظلمة، وإذا كان المراد بهما الجنة و النار ساغ إضافة إخراجهم من الظلمات إلى النور إليه تعالى لأنه لا شبهة في أنه جل وعز هو المدخل للمؤمن الجنة، والعادل به عن طريق النار، والظاهر بما ذكرناه أشبه لأنه يقتضي أن المؤمن الذي ثبت كونه مؤمنا يخرج من الظلمة إلى النور، فلو حمل على الايمان والكفر لتناقض المعنى، ولصار تقدير الكلام: أنه يخرج المؤمن الذي تقدم كونه مؤمنا من الكفر إلى الايمان، وذلك لا يصح; على أنا لو حملنا الكلام على الايمان والكفر لصح ولم يكن مقتضيا لما توهموه، ويكون وجه إضافة الاخراج إليه - وإن لم يكن الايمان من فعله - من حيث دل وبين وأرشد ولطف وسهل، وقد علمنا أنه لولا هذه الأمور لم يخرج المكلف من الكفر إلى الايمان، فتصح إضافة الاخراج إليه لكون ما عددناه من جهته، وعلى هذا يصح من أحدنا إذا أشار على غيره
(١٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 خطبة الكتاب 1
3 * أبواب العدل * باب 1 نفي الظلم والجور عنه تعالى، وإبطال الجبر والتفويض، وإثبات الأمر بين الأمرين، وإثبات الاختيار والاستطاعة، وفيه 112 حديثا. 2
4 باب 2 آخر وهو من الباب الأول، وفيه حديث. 68
5 باب 3 القضاء والقدر، والمشية والإرادة، وسائر أبواب الفعل، وفيه 79 حديثا. 84
6 باب 4 الآجال، وفيه 14 حديثا. 136
7 باب 5 الأرزاق والأسعار، وفيه 13 حديثا. 143
8 باب 6 السعادة والشقاوة، والخير والشر، وخالقهما ومقدرهما، وفيه 23 حديثا. 152
9 باب 7 الهداية والإضلال والتوفيق والخذلان، وفيه 50 حديثا. 162
10 باب 8 التمحيص والاستدراج، والابتلاء والاختبار، وفيه 18 حديثا. 210
11 باب 9 أن المعرفة منه تعالى، وفيه 13 حديثا. 220
12 باب 10 الطينة والميثاق، وفيه 67 حديثا. 225
13 باب 11 من لا ينجبون من الناس، ومحاسن الخلقة وعيوبها اللتين تؤثران في الخلق، وفيه 15 حديثا. 276
14 باب 12 علة عذاب الاستيصال، وحال ولد الزنا، وعلة اختلاف أحوال الخلق، وفيه 14 حديثا. 281
15 باب 13 الأطفال ومن لم يتم عليهم الحجة في الدنيا، وفيه 22 حديثا. 288
16 باب 14 من رفع عنه القلم، ونفي الحرج في الدين، وشرائط صحة التكليف، وما يعذر فيه الجاهل، وأنه يلزم على الله التعريف وفيه 29 حديثا. 298
17 باب 15 علة خلق العباد وتكليفهم، والعلة التي من أجلها جعل الله في الدنيا اللذات والآلام والمحن، وفيه 18 حديثا. 309
18 باب 16 عموم التكاليف، وفيه ثلاثة أحاديث. 318
19 باب 17 أن الملائكة يكتبون أعمال العباد، وفيه 35 حديثا. 319
20 باب 18 الوعد والوعيد، والحبط والتكفير، وفيه حديثان. 331