من أمر الدنيا واتباع الشهوات، وما خلفهم من أمر العاقبة وأن لا بعث ولا حساب، " و حق عليهم القول " يعني كلمة العذاب " في أمم " في جملة أمم " إنهم كانوا خاسرين " تعليل لاستحقاقهم العذاب.
وقال الطبرسي رحمه الله في قوله: " ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ": معناه أن الوجه في اختلاف الرزق بين العباد في الضيق والسعة زيادة على ما فيه من المصلحة أن في ذلك تسخيرا من بعض العباد لبعض بأحواجهم إليه يستخدم بعضهم بعضا فينتفع أحدهم بعمل الآخر له فينتظم بذلك قوام أمر العالم. وقيل: معناه ليملك بعضهم بعضا بمالهم فيتخذونهم عبيدا ومماليك.
وقال في قوله تعالى: " ومن يعش عن ذكر الرحمن " أي يعرض عنه " نقيض له شيطانا " أي نخلي بينه وبين الشيطان الذي يغويه فيصير قرينه عوضا عن ذكر الله. وقيل: معناه نقرن به شيطانا في الآخرة يلزمه فيذهب به إلى النار، كما أن المؤمن يقرن به ملك فلا يفارقه حتى يصير به إلى الجنة.
وقال السيد المرتضى رضي الله عنه فيما مر في سورة الأعراف من قوله تعالى:
" سأصرف عن آياتي " الآية: فيه وجوه: أولها أن يكون تعالى عنى بذلك صرفهم عن ثواب الله النظر في الآيات، وعن العز والكرامة اللذين يستحقهما من أدى الواجب عليه في آيات الله تعالى وأدلته وتمسك بها، والآيات على هذا التأويل يحتمل أن تكون سائر الأدلة ويحتمل أن تكون معجزات الأنبياء عليهم السلام خاصة، وهذا التأويل يطابقه الظاهر لأنه تعالى قال: " ذلك بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين " فبين أن صرفهم من الآيات يستحق بتكذيبهم ولا يليق ذلك إلا بما ذكرناه.
وثانيها أن يصرفهم عن زيادة المعجزات التي يظهرها على الأنبياء بعد قيام الحجة بما تقدم من آياتهم ومعجزاتهم، لأنه تعالى إنما يظهر هذا الضرب من المعجزات إذا علم أنه يؤمن عنده من لم يؤمن بما تقدم من الآيات فإذا علم خلاف ذلك لم يظهرها وصرف الذين علم من حالهم أنهم لا يؤمنون بها عنها; ويكون الصرف على أحد وجهين: إما بأن لا يظهرها جملة، أو بأن يصرفهم عن مشاهدتها ويظهرها بحيث ينتفع بها غيرهم.