بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥ - الصفحة ١٨٧
وقال في قوله تعالى: " ولو شئنا لآتينا كل نفس هديها " أي بأن نفعل أمرا من الأمور يلجئهم إلى الاقرار بالتوحيد، ولكن ذلك يبطل الغرض بالتكليف. قال الجبائي ويجوز أن يكون المراد به ولو شئنا لأجبناهم إلى ما سألوا من الرد إلى دار التكليف ليعملوا بالطاعات، ولكن حق القول مني أن أجازيهم بالعقاب ولا أردهم. وقيل:
معناه: ولو شئنا لهديناهم إلى الجنة ولكن حق القول مني أي الخير والوعيد لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين أي من كلا الصنفين بكفرهم.
وقال في قوله تعالى: " إن الله يسمع من يشاء " أي ينفع بالاسماع من يشاء أي يلطف له ويوفقه " وما أنت بمسمع من في القبور " أي أنك لا تقدر على أن تنفع الكفار بإسماعك إياهم، إذ لم يقبلوا كما لا يسمع من في القبور من الأموات.
وقال في قوله تعالى: " لقد حق القول على أكثرهم " أي وجب الوعيد واستحقاق العقاب عليهم فهم لا يؤمنون ويموتون على كفرهم وقد سبق ذلك في علم الله. وقيل:
تقديره: لقد سبق القول على أكثرهم أنهم لا يؤمنون، وذلك أنه سبحانه أخبر ملائكته أنهم لا يؤمنون، فحق قوله عليهم: " إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا فهي إلى الأذقان " يعني أيديهم كنى عنها وإن لم يذكرها لان الأعناق والاغلال يدلان عليهما، واختلف في معنى الآية على وجوه: أحدها أنه سبحانه إنما ذكره ضربا للمثل، وتقديره: مثل هؤلاء المشركين في إعراضهم عما تدعوهم إليه كمثل رجل غلت يداه إلى عنقه لا يمكنه أن يبسطهما إلى خير، ورجل طامح برأسه لا يبصر موطئي قدميه.
وثانيها: أن المعنى كان هذا القرآن أغلالا في أعناقهم يمنعهم عن الخضوع لاستماعه وتدبره لثقله عليهم، وذلك أنهم لما استكبروا عنه وأنفوا من اتباعه وكان المستكبر رافعا رأسه، لاويا عنقه، شامخا بأنفه، لا ينظر إلى الأرض صاروا كأنما غلت أيديهم إلى أعناقهم; وإنما أضاف ذلك إلى نفسه لان عند تلاوة القرآن عليهم ودعوته إياهم صاروا بهذه الصفة.
وثالثها: أن المعني بذلك أناس من قريش هموا بقتل النبي صلى الله عليه وآله فغلت أيديهم إلى أعناقهم فلم يستطيعوا أن يبسطوا إليه أبدا.
(١٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 خطبة الكتاب 1
3 * أبواب العدل * باب 1 نفي الظلم والجور عنه تعالى، وإبطال الجبر والتفويض، وإثبات الأمر بين الأمرين، وإثبات الاختيار والاستطاعة، وفيه 112 حديثا. 2
4 باب 2 آخر وهو من الباب الأول، وفيه حديث. 68
5 باب 3 القضاء والقدر، والمشية والإرادة، وسائر أبواب الفعل، وفيه 79 حديثا. 84
6 باب 4 الآجال، وفيه 14 حديثا. 136
7 باب 5 الأرزاق والأسعار، وفيه 13 حديثا. 143
8 باب 6 السعادة والشقاوة، والخير والشر، وخالقهما ومقدرهما، وفيه 23 حديثا. 152
9 باب 7 الهداية والإضلال والتوفيق والخذلان، وفيه 50 حديثا. 162
10 باب 8 التمحيص والاستدراج، والابتلاء والاختبار، وفيه 18 حديثا. 210
11 باب 9 أن المعرفة منه تعالى، وفيه 13 حديثا. 220
12 باب 10 الطينة والميثاق، وفيه 67 حديثا. 225
13 باب 11 من لا ينجبون من الناس، ومحاسن الخلقة وعيوبها اللتين تؤثران في الخلق، وفيه 15 حديثا. 276
14 باب 12 علة عذاب الاستيصال، وحال ولد الزنا، وعلة اختلاف أحوال الخلق، وفيه 14 حديثا. 281
15 باب 13 الأطفال ومن لم يتم عليهم الحجة في الدنيا، وفيه 22 حديثا. 288
16 باب 14 من رفع عنه القلم، ونفي الحرج في الدين، وشرائط صحة التكليف، وما يعذر فيه الجاهل، وأنه يلزم على الله التعريف وفيه 29 حديثا. 298
17 باب 15 علة خلق العباد وتكليفهم، والعلة التي من أجلها جعل الله في الدنيا اللذات والآلام والمحن، وفيه 18 حديثا. 309
18 باب 16 عموم التكاليف، وفيه ثلاثة أحاديث. 318
19 باب 17 أن الملائكة يكتبون أعمال العباد، وفيه 35 حديثا. 319
20 باب 18 الوعد والوعيد، والحبط والتكفير، وفيه حديثان. 331