بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥ - الصفحة ١٨٣
الداخلة على بعض المبطليين فيها حتى عدلوا بتأويلها عن وجهه وصرفوه عن بابه:
أولها أن الاهلاك قد يكون حسنا وقد يكون قبيحا فإذا كان مستحقا أو على سبيل الامتحان كان حسنا، وإنما يكون قبيحا إذا كان ظلما فتعلق الإرادة لا يقضي تعلقها به على الوجه القبيح، ولا ظاهر الآية يقتضي ذلك، وإذا علمنا بالأدلة العقلية تنزه القديم تعالى عن القبائح علمنا أن الإرادة لم يتعلق إلا بالاهلاك الحسن. وقوله تعالى:
" أمرنا مترفيها " المأمور به محذوف، وليس يجب أن يكون المأمور به هو الفسق، وإن وقع بعده الفسق، ويجري هذا مجرى قول القائل: أمرته فعصى ودعوته فأبى; والمراد إنني أمرته بالطاعة ودعوته إلى الإجابة والقبول - ويمكن أن يقال على هذا الوجه:
ليس موضع الشبهة ما تكلمتم عليه، وإنما موضعها أن يقال: أي معنى لتقدم الإرادة فإن كانت متعلقة بإهلاك مستحق بغير الفسق المذكور في الآية فلا معنى لقوله تعالى:
" إذا أردنا أمرنا " لان أمره بما يأمر به لا يحسن إرادته للعقاب المستحق بما تقدم من الافعال، وإن كانت الإرادة متعلقة بالاهلاك المستحق بمخالفة الامر المذكور في الآية فهذا هو الذي تأبونه، لأنه يقتضي أنه تعالى مريد لاهلاك من لم يستحق العقاب.
والجواب عن ذلك أنه تعالى لم يعلق الإرادة إلا بالاهلاك المستحق بما تقدم من الذنوب، والذي حسن قوله تعالى: " وإذا أردنا أمرنا " هو أن في تكرر الامر بالطاعة والايمان إعذارا إلى العصاة وإنذارا لهم، وايجابا واثباتا للحجة عليهم حتى يكونوا متى خالفوا وأقاموا على العصيان والطغيان بعد تكرر الوعيد والوعظ والانذار ممن يحق عليه القول وتجب عليه الحجة، ويشهد بصحة هذا التأويل قوله تعالى قبل هذه الآية: " وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ".
والثاني أن يكون قوله تعالى: " أمرنا مترفيها " من صفة القرية وصلتها، ولا يكون جوابا لقوله: " وإذا أردنا " ويكون تقدير الكلام: وإذا أردنا أن نهلك قرية من صفتها أنا أمرنا مترفيها ففسقوا فيها، ويكون إذا على هذا الجواب لم يأت له جواب ظاهر في الآية للاستغناء عنه بما في الكلام من الدلالة عليه، ونظير هذا قوله تعالى في صفة الجنة:
(١٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 خطبة الكتاب 1
3 * أبواب العدل * باب 1 نفي الظلم والجور عنه تعالى، وإبطال الجبر والتفويض، وإثبات الأمر بين الأمرين، وإثبات الاختيار والاستطاعة، وفيه 112 حديثا. 2
4 باب 2 آخر وهو من الباب الأول، وفيه حديث. 68
5 باب 3 القضاء والقدر، والمشية والإرادة، وسائر أبواب الفعل، وفيه 79 حديثا. 84
6 باب 4 الآجال، وفيه 14 حديثا. 136
7 باب 5 الأرزاق والأسعار، وفيه 13 حديثا. 143
8 باب 6 السعادة والشقاوة، والخير والشر، وخالقهما ومقدرهما، وفيه 23 حديثا. 152
9 باب 7 الهداية والإضلال والتوفيق والخذلان، وفيه 50 حديثا. 162
10 باب 8 التمحيص والاستدراج، والابتلاء والاختبار، وفيه 18 حديثا. 210
11 باب 9 أن المعرفة منه تعالى، وفيه 13 حديثا. 220
12 باب 10 الطينة والميثاق، وفيه 67 حديثا. 225
13 باب 11 من لا ينجبون من الناس، ومحاسن الخلقة وعيوبها اللتين تؤثران في الخلق، وفيه 15 حديثا. 276
14 باب 12 علة عذاب الاستيصال، وحال ولد الزنا، وعلة اختلاف أحوال الخلق، وفيه 14 حديثا. 281
15 باب 13 الأطفال ومن لم يتم عليهم الحجة في الدنيا، وفيه 22 حديثا. 288
16 باب 14 من رفع عنه القلم، ونفي الحرج في الدين، وشرائط صحة التكليف، وما يعذر فيه الجاهل، وأنه يلزم على الله التعريف وفيه 29 حديثا. 298
17 باب 15 علة خلق العباد وتكليفهم، والعلة التي من أجلها جعل الله في الدنيا اللذات والآلام والمحن، وفيه 18 حديثا. 309
18 باب 16 عموم التكاليف، وفيه ثلاثة أحاديث. 318
19 باب 17 أن الملائكة يكتبون أعمال العباد، وفيه 35 حديثا. 319
20 باب 18 الوعد والوعيد، والحبط والتكفير، وفيه حديثان. 331