والحسين عليهما السلام وجماعة، وقرأ أمرنا بالتشديد ابن عباس والنهدي وأبو جعفر محمد بن علي عليه السلام بخلاف، وقرأ أمرنا بكسر الميم بوزن عمرنا الحسن ويحيى بن يعمر وارجع الجميع إلى معنى كثرنا كقوله صلى الله عليه وآله: خير المال سكة مأبورة ومهرة مأمورة، أي كثيرة النتاج.
وقال الزمخشري: وإذا أردنا أي وإذا دنى وقت إهلاك قوم ولم يبق من زمان إهلاكهم إلا قليلا أمرناهم ففسقوا أي أمرناهم بالفسق ففعلوا والامر مجاز لان حقيقة أمرهم بالفسق أن يقول لهم: افسقوا، وهذا لا يكون فبقي أن يكون مجازا، ووجه المجاز أنه صب عليهم النعمة صبا فجعلوها ذريعة إلى المعاصي واتباع الشهوات فكأنهم مأمورون بذلك، لتسبب إبلاء النعمة فيه، وإنما خولهم إياها ليشكروا ويعملوا فيها بالخير ويتمكنوا من الاحسان والبر كما خلفهم أصحاء أقوياء وأقدرهم على الخير والشر وطلب منهم إيثار الطاعة على المعصية فآثروا الفسوق، فلما فسقوا حق عليهم القول وهو كلمة العذاب فدمرهم. وقد فسر بعضهم أمرنا بكثرنا; وجعل أمرته فأمر من باب فعلته ففعل كثبرته فثبر.
وقال: في قوله تعالى: " فليمدد له الرحمن مدا " يعني أمهله وأملى له في العمر، فأخرج على لفظ الامر إيذانا بوجوب ذلك وأنه مفعول لا محالة كالمأمور به الممتثل، لتقطع معاذير الضال، ويقال له يوم القيامة: " أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر " (1) أو كقوله: " إنما نملي لهم ليزدادوا إثما " (2) أو " من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا " في معنى الدعاء بأن يمهله الله وينفس في مدة حياته.
وقال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى: " ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين " أي خلينا بينهم وبين الشياطين إذا وسوسوا إليهم ودعوهم إلى الضلال حتى أغووهم ولم يخل بينهم بالالجاء ولا بالمنع، وعبر عن ذلك بالارسال على سبيل المجاز والتوسع،