في قلوبهم أكنة ليقطعهم عن مرادهم، وذلك بعد ما بلغهم ما تقوم به الحجة وتنقطع به المعذرة، وبعدها علم الله تعالى أنهم لا ينتفعون بسماعه ولا يؤمنون به، فشبه إلقاء النوم عليهم بجعل الغطاء على قلوبهم، وبوقر آذانهم لان ذلك كان يمنعهم من التدبر كالوقر والغطاء، وهذا معنى قوله تعالى: " وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا " ويحتمل ذلك وجها آخر وهو أنه تعالى يعاقب هؤلاء الكفار الذين علم أنهم لا يؤمنون بعقوبات يجعلها في قلوبهم تكون موانع من أن يفقهوا ما يستمعونه; ويحتمل أيضا أن يكون سمي الكفر الذي في قلوبهم كنا تشبيها ومجازا وإعراضهم عن القرآن وقرا توسعا لان مع الكفر والاعراض لا يحصل الايمان والفهم، كما لا يحصلان مع الكن والوقر، ونسب ذلك إلى نفسه لأنه الذي شبه أحدهما بالآخر كما يقول أحدنا لغيره إذا أثنى على إنسان وذكر مناقبه: جعلته فاضلا، وبالضد إذا ذكر مقابحه وفسقه يقول: جعلته فاسقا، (1) وقال الزمخشري في قوله تعالى: ولو شاء الله لجمعهم على الهدى " أي بأن يأتيهم بآية ملجئة، ولكنه لا يفعل لخروجه عن الحكمة.
وقوله تعالى: " ليمكروا فيها " قال الطبرسي رحمه: اللام: لام العاقبة، وقال الزمخشري: معناه خليناهم ليمكروا وما كففناهم عن المكر; وكذا قال: اللام لام العاقبة في قوله تعالى: " ليقولوا " أي عاملناهم معاملة المختبر ليشكروا أو يصبروا فآل أمرهم إلى هذه العاقبة.
وقال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى: " ونقلب أفئدتهم وأبصارهم " وجهين: