بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥ - الصفحة ١٨٤
" حتى إذا جاؤها وفتحت أبوابها " إلى قوله: " فنعم أجر العاملين " ولم يأت لاذا جواب في طول الكلام للاستغناء عنه.
والثالث أن يكون ذكر الإرادة في الآية مجازا واتساعا وتنبيها على المعلوم من حال القوم وعاقبة أمرهم وأنهم متى أمروا فسقوا وخالفوا، ويجري ذكر الإرادة ههنا مجرى قولهم: إذا أراد التاجر أن يفتقر أتته النوائب من كل جهة وجاءه الخسران من كل طريق، وقولهم: إذا أراد العليل أن يموت خلط في مأكله وتسرع إلى كل ما تتوق إليه نفسه، ومعلوم أن التاجر لم يرد في الحقيقة شيئا، ولا العليل أيضا لكن لما كان المعلوم من حال هذا الخسران ومن حال ذاك الهلاك حسن هذا الكلام، واستعمل ذكر الإرادة لهذا الوجه مجازا، وكلام العرب وحي وإشارات واستعارة و مجازات، ولهذه الحال كان كلامهم في المرتبة العليا من الفصاحة، فإن الكلام متى خلا من الاستعارة وجرى كله على الحقيقة كان بعيدا من الفصاحة بريئا من البلاغة، وكلام الله تعالى أفصح الكلام.
الرابع أن تحمل الآية على التقديم والتأخير فيكون تلخيصها: وإذا أمرنا مترفي قرية بالطاعة فعصوا واستحقوا العقاب أردنا إهلاكهم، والتقديم والتأخير في الشعر وكلام العرب كثير; ومما يمكن أن يكون شاهدا بصحة هذا التأويل من القرآن قوله تعالى:
" يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم (1) والطهارة إنما تجب قبل القيام إلى الصلاة، وقوله تعالى: " وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك " (2) وقيام الطائفة معه يجب أن يكون قبل إقامة الصلاة، لان إقامتها هو الاتيان بجميعها على الكمال، فأما قراءة من قرأ بالتشديد فقال: أمرنا وقراءة من قرأ بالمد والتخفيف فقال: أمرنا فلن يخرج معنى قراءتهما عن الوجوه التي ذكرناها إلا الوجه الأول، فإن معناه لا يليق إلا بأن يكون ما تضمنته الآية هو الامر الذي يستدعي به الفعل انتهى.
وقال الطبرسي رحمه الله: وقرأ يعقوب: أمرنا بالمد وهو قراءة علي بن أبي طالب

(١٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 خطبة الكتاب 1
3 * أبواب العدل * باب 1 نفي الظلم والجور عنه تعالى، وإبطال الجبر والتفويض، وإثبات الأمر بين الأمرين، وإثبات الاختيار والاستطاعة، وفيه 112 حديثا. 2
4 باب 2 آخر وهو من الباب الأول، وفيه حديث. 68
5 باب 3 القضاء والقدر، والمشية والإرادة، وسائر أبواب الفعل، وفيه 79 حديثا. 84
6 باب 4 الآجال، وفيه 14 حديثا. 136
7 باب 5 الأرزاق والأسعار، وفيه 13 حديثا. 143
8 باب 6 السعادة والشقاوة، والخير والشر، وخالقهما ومقدرهما، وفيه 23 حديثا. 152
9 باب 7 الهداية والإضلال والتوفيق والخذلان، وفيه 50 حديثا. 162
10 باب 8 التمحيص والاستدراج، والابتلاء والاختبار، وفيه 18 حديثا. 210
11 باب 9 أن المعرفة منه تعالى، وفيه 13 حديثا. 220
12 باب 10 الطينة والميثاق، وفيه 67 حديثا. 225
13 باب 11 من لا ينجبون من الناس، ومحاسن الخلقة وعيوبها اللتين تؤثران في الخلق، وفيه 15 حديثا. 276
14 باب 12 علة عذاب الاستيصال، وحال ولد الزنا، وعلة اختلاف أحوال الخلق، وفيه 14 حديثا. 281
15 باب 13 الأطفال ومن لم يتم عليهم الحجة في الدنيا، وفيه 22 حديثا. 288
16 باب 14 من رفع عنه القلم، ونفي الحرج في الدين، وشرائط صحة التكليف، وما يعذر فيه الجاهل، وأنه يلزم على الله التعريف وفيه 29 حديثا. 298
17 باب 15 علة خلق العباد وتكليفهم، والعلة التي من أجلها جعل الله في الدنيا اللذات والآلام والمحن، وفيه 18 حديثا. 309
18 باب 16 عموم التكاليف، وفيه ثلاثة أحاديث. 318
19 باب 17 أن الملائكة يكتبون أعمال العباد، وفيه 35 حديثا. 319
20 باب 18 الوعد والوعيد، والحبط والتكفير، وفيه حديثان. 331