قوله تعالى: " كذلك حقت كلمة ربك " قال الزمخشري: " إنهم لا يؤمنون " بدل من الكلمة أي حق عليهم انتفاء الايمان وعلم الله منهم ذلك، أو حق عليهم كلمة الله أنهم من أهل الخذلان وأن إيمانهم غير كائن، أو أراد بالكلمة العدة بالعذاب. " وأنهم لا يؤمنون " تعليل بمعنى لأنهم لا يؤمنون.
وقال في قوله تعالى: إن الذين حقت عليهم كلمة ربك أي ثبت عليهم قول الله الذي كتبه في اللوح وأخبر به الملائكة أنهم يموتون كفارا فلا يكون غيره فتلك كتابة معلوم لا كتابة مقدر ومراد; تعالى الله عن ذلك.
وقال السيد المرتضى رضي الله عنه: إن سأل سائل فقال: ما عندكم في تأويل قوله تعالى: " ولو شاء ربك " لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم " يقال له: أما قوله تعالى: " ولو شاء ربك " فإنما عنى به المشية التي نيضم إليها الالجاء، ولم يعن المشية على سبيل الاختيار، وإنما أراد تعالى أن يخبرنا عن قدرته وأنه ممن لا يغالب ولا يعصى مقهورا، من حيث كان قادرا على الالجاء والاكراه على ما أراده من العباد، فأما لفظة ذلك في الآية فحملها على الرحمة أولى من حملها على الاختلاف لدليل العقل وشهادة اللفظ، فأما دليل العقل فمن حيث علمنا أنه تعالى كره الاختلاف والذهاب عن الدين ونهى عنه وتوعد عليه، فكيف يجوز أن يكون شائيا له ومجريا بخلق العباد إليه؟ وأما شهادة اللفظ فلان الرحمة أقرب إلى هذه الكناية من الاختلاف، وحمل اللفظ على أقرب المذكورين أولى في لسان العرب، فأما ما طعن به السائل من تذكير الكناية فباطل لان تأنيث الرحمة غير حقيقي، وإذا كني عنها بلفظ التذكير كانت الكناية على المعنى لان معناها هو الفضل والانعام كما قالوا:
سرني كلمتك، يريدون سرني كلامك. وقال الله تعالى: " هذا رحمة من ربي " ولم يقل:
" هذه " وإنما أراد هذا فضل من ربي، وفي موضع آخر " إن رحمة الله قريب من المحسنين " ولم يقل: قريبة.
أقول: ثم استشهد رحمه الله لذلك بكثير من الاشعار تركناها حذرا من الاطناب ثم قال: وقال زياد الأعجم:
إن الشجاعة والمروة ضمنا * قبرا بمرو على الطريق الواضح