بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥ - الصفحة ١٨٠
قوله تعالى: " كذلك حقت كلمة ربك " قال الزمخشري: " إنهم لا يؤمنون " بدل من الكلمة أي حق عليهم انتفاء الايمان وعلم الله منهم ذلك، أو حق عليهم كلمة الله أنهم من أهل الخذلان وأن إيمانهم غير كائن، أو أراد بالكلمة العدة بالعذاب. " وأنهم لا يؤمنون " تعليل بمعنى لأنهم لا يؤمنون.
وقال في قوله تعالى: إن الذين حقت عليهم كلمة ربك أي ثبت عليهم قول الله الذي كتبه في اللوح وأخبر به الملائكة أنهم يموتون كفارا فلا يكون غيره فتلك كتابة معلوم لا كتابة مقدر ومراد; تعالى الله عن ذلك.
وقال السيد المرتضى رضي الله عنه: إن سأل سائل فقال: ما عندكم في تأويل قوله تعالى: " ولو شاء ربك " لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم " يقال له: أما قوله تعالى: " ولو شاء ربك " فإنما عنى به المشية التي نيضم إليها الالجاء، ولم يعن المشية على سبيل الاختيار، وإنما أراد تعالى أن يخبرنا عن قدرته وأنه ممن لا يغالب ولا يعصى مقهورا، من حيث كان قادرا على الالجاء والاكراه على ما أراده من العباد، فأما لفظة ذلك في الآية فحملها على الرحمة أولى من حملها على الاختلاف لدليل العقل وشهادة اللفظ، فأما دليل العقل فمن حيث علمنا أنه تعالى كره الاختلاف والذهاب عن الدين ونهى عنه وتوعد عليه، فكيف يجوز أن يكون شائيا له ومجريا بخلق العباد إليه؟ وأما شهادة اللفظ فلان الرحمة أقرب إلى هذه الكناية من الاختلاف، وحمل اللفظ على أقرب المذكورين أولى في لسان العرب، فأما ما طعن به السائل من تذكير الكناية فباطل لان تأنيث الرحمة غير حقيقي، وإذا كني عنها بلفظ التذكير كانت الكناية على المعنى لان معناها هو الفضل والانعام كما قالوا:
سرني كلمتك، يريدون سرني كلامك. وقال الله تعالى: " هذا رحمة من ربي " ولم يقل:
" هذه " وإنما أراد هذا فضل من ربي، وفي موضع آخر " إن رحمة الله قريب من المحسنين " ولم يقل: قريبة.
أقول: ثم استشهد رحمه الله لذلك بكثير من الاشعار تركناها حذرا من الاطناب ثم قال: وقال زياد الأعجم:
إن الشجاعة والمروة ضمنا * قبرا بمرو على الطريق الواضح
(١٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 خطبة الكتاب 1
3 * أبواب العدل * باب 1 نفي الظلم والجور عنه تعالى، وإبطال الجبر والتفويض، وإثبات الأمر بين الأمرين، وإثبات الاختيار والاستطاعة، وفيه 112 حديثا. 2
4 باب 2 آخر وهو من الباب الأول، وفيه حديث. 68
5 باب 3 القضاء والقدر، والمشية والإرادة، وسائر أبواب الفعل، وفيه 79 حديثا. 84
6 باب 4 الآجال، وفيه 14 حديثا. 136
7 باب 5 الأرزاق والأسعار، وفيه 13 حديثا. 143
8 باب 6 السعادة والشقاوة، والخير والشر، وخالقهما ومقدرهما، وفيه 23 حديثا. 152
9 باب 7 الهداية والإضلال والتوفيق والخذلان، وفيه 50 حديثا. 162
10 باب 8 التمحيص والاستدراج، والابتلاء والاختبار، وفيه 18 حديثا. 210
11 باب 9 أن المعرفة منه تعالى، وفيه 13 حديثا. 220
12 باب 10 الطينة والميثاق، وفيه 67 حديثا. 225
13 باب 11 من لا ينجبون من الناس، ومحاسن الخلقة وعيوبها اللتين تؤثران في الخلق، وفيه 15 حديثا. 276
14 باب 12 علة عذاب الاستيصال، وحال ولد الزنا، وعلة اختلاف أحوال الخلق، وفيه 14 حديثا. 281
15 باب 13 الأطفال ومن لم يتم عليهم الحجة في الدنيا، وفيه 22 حديثا. 288
16 باب 14 من رفع عنه القلم، ونفي الحرج في الدين، وشرائط صحة التكليف، وما يعذر فيه الجاهل، وأنه يلزم على الله التعريف وفيه 29 حديثا. 298
17 باب 15 علة خلق العباد وتكليفهم، والعلة التي من أجلها جعل الله في الدنيا اللذات والآلام والمحن، وفيه 18 حديثا. 309
18 باب 16 عموم التكاليف، وفيه ثلاثة أحاديث. 318
19 باب 17 أن الملائكة يكتبون أعمال العباد، وفيه 35 حديثا. 319
20 باب 18 الوعد والوعيد، والحبط والتكفير، وفيه حديثان. 331