بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥ - الصفحة ١٧٣
وقال في قوله تعالى: " يخرجهم من الظلمات إلى النور " (1): أي من ظلمات الضلال والكفر إلى نور الهدى والايمان بأن هداهم إليه ونصب الأدلة لهم عليه و رغبهم فيه وفعل بهم من الألطاف ما يقوي دواعيهم إلى فعله.
وقال في قوله تعالى " والله لا يهدي القوم الظالمين " (2) أي بالمعونة على بلوغ البغية من الفساد. وقيل: لا يهديهم إلى المحاجة كما يهدي أنبياءه. وقيل: لا يهديهم بألطافه وتأييده إذا علم أنه لا لطف لهم. وقيل: لا يهديهم إلى الجنة.
وقال في قوله تعالى: " كيف يهدي الله قوما ": (3) معناه: كيف يسلك الله بهم سبيل المهتدين بالإثابة لهم والثناء عليهم؟ أو أنه على طريق التبعيد كما يقال: كيف يهديك إلى الطريق وقد تركته؟ أي لا طريق يهديهم به إلى الايمان إ من الوجه الذي هداهم به وقد تركوه، أو كيف يهديهم الله إلى طريق الجنة والحال هذه؟.
أقول: الأظهر أن المعنى أنهم حرموا أنفسهم بما اختاروه الألطاف الخاصة من ربهم تعالى.
وقال في قوله تعالى: " ومن يرد الله فتنته " (4): قيل: فيه أقوال: أحدها أن المراد بالفتنة العذاب أي من يرد الله عذابه كقوله تعالى: " على النار يفتنون " (5) أي يعذبون وقوله: " ذوقوا فتنتكم " (6) أي عذابكم.
وثانيها أن معناه من يرد الله إهلاكه.
وثالثها أن المراد به من يرد الله خزيه وفضيحته بإظهار ما ينطوي عليه.

(١) البقرة: ٢٥٧.
(٢) البقرة: ٢٥٨.
(٣) آل عمران: ٨٦.
(٤) المائدة: ٤١ قال الشيخ في التبيان: - بعد نقل الأقوال الثلاثة الأولة - وأصل الفتنة:
التخليص من قولهم: فتنت الذهب في النار أي خلصته من الغش والفتنة: الاختبار، ويسمى بذلك لما فيها من تخليص الحال لمن أراد الاضلال، وإنما أراد الحكم عليه بذلك بايراد الحجج ففيه تمييز وتخليص لحالهم من حال غيرهم من المؤمنين، ومن فسره على العذاب فلأنهم يحرقون كما يحرق خبث الذهب فهم خبث كلهم، ومن فسره على الفضيحة فلما فيها من الدلالة عليهم التي يتميزون بها من غيرهم.
(٥) الذاريات: ١٣.
(٦) الذاريات: ١٤.
(١٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 ... » »»
الفهرست