بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥ - الصفحة ١٧٩
جهنم بكفرهم وإنكارهم وسوء اختيارهم، ويدل عليه قوله سبحانه: " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون " وقال الزمخشري: جعلهم في أنهم لا يلقون أذهانهم إلى معرفة الحق ولا ينظرون بعيونهم إلى ما خلق الله نظر اعتبار، ولا يسمعون ما يتلى عليهم من آيات الله سماع تدبر كأنهم عدموا فهم القلوب وإبصار العيون واستماع الآذان وجعلهم لاغراقهم في الكفر وشدة شكائمهم فيه وأنهم لا يتأتى منهم إلا أفعال أهل النار مخلوقين للنار، دلالة على توغلهم في الموجبات، وتمكنهم فيما يؤهلهم لدخول النار.
وقال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى: " فريقا هدى " أي جماعة حكم لهم بالاهتداء بقبولهم للهدى، أو لطف لهم بما اهتدوا عنده، أو هداهم إلى طريق الثواب " وفريقا حق " أي وجب عليهم الضلالة، إذ لم يقبلوا الهدى، أو حق عليهم الخذلان لأنه لم يكن لهم لطف تنشرح لهم صدورهم، أو حق عليهم العذاب أو الهلاك بكفرهم.
وقال الزمخشري في قوله تعالى: " ولكن الله قتلهم ": أي إن افتخرتم بقتلهم فأنتم لم تقتلوهم ولكن الله قتلهم لأنه هو الذي أنزل الملائكة وألقى الرعب قي قلوبهم، وشاء النصر والظفر، وقوى قلوبكم، وأذهب عنها الفزع والجزع، وما رميت أنت يا محمد إذ رميت ولكن الله رمى، يعني أن الرمية التي رميتها لم ترمها أنت على الحقيقة لأنك لو رميتها لما بلغ أثرها إلا ما يبلغ أثر رمي البشر، ولكنها كانت رمية الله حيث أثرت ذلك الأثر العظيم فأثبت الرمية لرسول الله صلى الله عليه وآله، لان صورتها وجدت منه، ونفاها عنه لان أثرها الذي لا تطيقه البشر فعل الله فكأن الله هو فاعل الرمية على الحقيقة، و كأنها لم توجد من الرسول أصلا.
وقال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى: " ثم انصرفوا " أي انصرفوا عن المجلس، وقيل انصرفوا عن الايمان به " صرف الله قلوبهم " عن الفوائد التي يستفيدها المؤمنون والسرور بها، وحرموا الاستبشار بتلك الحال. وقيل: معناه صرف الله قلوبهم عن رحمته وثوابه عقوبة لهم على انصراهم عن الايمان بالقرآن، وعن مجلس رسول الله صلى الله عليه وآله. وقيل:
إنه على وجه الدعاء عليهم أي خذلهم الله باستحقاقهم ذلك، ودعاء الله على عباده وعيد لهم وإخبار بلحاق العذاب بهم.
(١٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 خطبة الكتاب 1
3 * أبواب العدل * باب 1 نفي الظلم والجور عنه تعالى، وإبطال الجبر والتفويض، وإثبات الأمر بين الأمرين، وإثبات الاختيار والاستطاعة، وفيه 112 حديثا. 2
4 باب 2 آخر وهو من الباب الأول، وفيه حديث. 68
5 باب 3 القضاء والقدر، والمشية والإرادة، وسائر أبواب الفعل، وفيه 79 حديثا. 84
6 باب 4 الآجال، وفيه 14 حديثا. 136
7 باب 5 الأرزاق والأسعار، وفيه 13 حديثا. 143
8 باب 6 السعادة والشقاوة، والخير والشر، وخالقهما ومقدرهما، وفيه 23 حديثا. 152
9 باب 7 الهداية والإضلال والتوفيق والخذلان، وفيه 50 حديثا. 162
10 باب 8 التمحيص والاستدراج، والابتلاء والاختبار، وفيه 18 حديثا. 210
11 باب 9 أن المعرفة منه تعالى، وفيه 13 حديثا. 220
12 باب 10 الطينة والميثاق، وفيه 67 حديثا. 225
13 باب 11 من لا ينجبون من الناس، ومحاسن الخلقة وعيوبها اللتين تؤثران في الخلق، وفيه 15 حديثا. 276
14 باب 12 علة عذاب الاستيصال، وحال ولد الزنا، وعلة اختلاف أحوال الخلق، وفيه 14 حديثا. 281
15 باب 13 الأطفال ومن لم يتم عليهم الحجة في الدنيا، وفيه 22 حديثا. 288
16 باب 14 من رفع عنه القلم، ونفي الحرج في الدين، وشرائط صحة التكليف، وما يعذر فيه الجاهل، وأنه يلزم على الله التعريف وفيه 29 حديثا. 298
17 باب 15 علة خلق العباد وتكليفهم، والعلة التي من أجلها جعل الله في الدنيا اللذات والآلام والمحن، وفيه 18 حديثا. 309
18 باب 16 عموم التكاليف، وفيه ثلاثة أحاديث. 318
19 باب 17 أن الملائكة يكتبون أعمال العباد، وفيه 35 حديثا. 319
20 باب 18 الوعد والوعيد، والحبط والتكفير، وفيه حديثان. 331