بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥ - الصفحة ١٧٢
وثالثها أن تكون بمعنى الإثابة: ومنه قوله تعالى: " يهديهم ربهم بإيمانهم تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم " (1) وقوله تعالى: " والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم سيهديهم ويصلح بالهم " (2) والهداية التي تكون بعد قتلهم هي إثابتهم لا محالة.
ورابعها: الحكم بالهداية كقوله تعالى: " ومن يهدي الله فهو المهتد " (3) وهذه الوجوه الثلاثة خاصة بالمؤمنين دون غيرهم لأنه تعالى إنما يثيب من يستحق الإثابة وهم المؤمنون، ويزيدهم ألطافا بإيمانهم وطاعتهم، ويحكم لهم بالهداية لذلك أيضا.
وخامسها أن تكون الهداية بمعنى جعل الانسان مهتديا، بأن يخلق الهداية فيه كما يجعل الشئ متحركا بخلق الحركة فيه، والله تعالى يفعل العلوم الضرورية في القلوب فذلك هداية منه تعالى، وهذا الوجه أيضا عام لجميع العقلاء كالوجه الأول، فأما الهداية التي كلف الله تعالى العباد فعلها كالايمان به وبأنبيائه وغير ذلك فإنها من فعل العباد، ولذلك يستحقون عليها المدح والثواب، وإن كان الله سبحانه قد أنعم عليهم بدلالتهم على ذلك وإرشادهم إليه ودعاهم إلى فعله وتكليفهم إياه وأمرهم به، فهو من هذا الوجه نعمة منه سبحانه عليهم، ومنة منه واصلة إليهم، وفضل منه وإحسان لديهم، فهو مشكور على ذلك محمود، إذ فعله بتمكينه وألطافه وضروب تسهيلاته و معوناته.
وقال رحمه الله في قوله تعالى: " والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم " (4):
إن المراد به البيان والدلالة، والصراط المستقيم هو الاسلام; أو المراد به: يهديهم باللطف فيكون خاصا بمن علم من حاله أنه يصلح به; أو المراد به: يهديهم إلى طريق الجنة.
وقال في قوله تعالى: " متى نصر الله " (5) قيل: هذا استعجال للموعود كما يفعله الممتحن، وإنما قاله الرسول استبطاءا للنصر على جهة التمني. وقيل: إن معناه الدعاء لله بالنصر. وقيل: إنه ذكر كلام الرسول والمؤمنين جملة وتفصيلا: قال المؤمنون متى نصر الله؟ وقال الرسول: إلا إن نصر الله قريب.

(١) يونس: ٩.
(٢) محمد: ٤ و ٥.
(٣) اسرى: ٩٧.
(٤) النور: ٤٦.
(٥) البقرة: ٢١٤.
(١٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 خطبة الكتاب 1
3 * أبواب العدل * باب 1 نفي الظلم والجور عنه تعالى، وإبطال الجبر والتفويض، وإثبات الأمر بين الأمرين، وإثبات الاختيار والاستطاعة، وفيه 112 حديثا. 2
4 باب 2 آخر وهو من الباب الأول، وفيه حديث. 68
5 باب 3 القضاء والقدر، والمشية والإرادة، وسائر أبواب الفعل، وفيه 79 حديثا. 84
6 باب 4 الآجال، وفيه 14 حديثا. 136
7 باب 5 الأرزاق والأسعار، وفيه 13 حديثا. 143
8 باب 6 السعادة والشقاوة، والخير والشر، وخالقهما ومقدرهما، وفيه 23 حديثا. 152
9 باب 7 الهداية والإضلال والتوفيق والخذلان، وفيه 50 حديثا. 162
10 باب 8 التمحيص والاستدراج، والابتلاء والاختبار، وفيه 18 حديثا. 210
11 باب 9 أن المعرفة منه تعالى، وفيه 13 حديثا. 220
12 باب 10 الطينة والميثاق، وفيه 67 حديثا. 225
13 باب 11 من لا ينجبون من الناس، ومحاسن الخلقة وعيوبها اللتين تؤثران في الخلق، وفيه 15 حديثا. 276
14 باب 12 علة عذاب الاستيصال، وحال ولد الزنا، وعلة اختلاف أحوال الخلق، وفيه 14 حديثا. 281
15 باب 13 الأطفال ومن لم يتم عليهم الحجة في الدنيا، وفيه 22 حديثا. 288
16 باب 14 من رفع عنه القلم، ونفي الحرج في الدين، وشرائط صحة التكليف، وما يعذر فيه الجاهل، وأنه يلزم على الله التعريف وفيه 29 حديثا. 298
17 باب 15 علة خلق العباد وتكليفهم، والعلة التي من أجلها جعل الله في الدنيا اللذات والآلام والمحن، وفيه 18 حديثا. 309
18 باب 16 عموم التكاليف، وفيه ثلاثة أحاديث. 318
19 باب 17 أن الملائكة يكتبون أعمال العباد، وفيه 35 حديثا. 319
20 باب 18 الوعد والوعيد، والحبط والتكفير، وفيه حديثان. 331