بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥ - الصفحة ١٧٨
فيه " جعلنا " لان الله سبحانه لا يجوز أن يريد إصغاء القلوب إلى الكفر ووحي الشياطين، إلا أن نجعلها لام العاقبة. وقال البلخي: اللام في: ولتصغى " لام العاقبة، وما بعده لام الامر الذي يراد به التهديد.
وقال رحمه الله في قوله تعالى: " فمن يرد الله أن يهديه " فيه وجوه:
أحدها: أن معناه من يرد الله أن يهديه إلى الثواب وطريق الجنة يشرح صدره في الدنيا للاسلام بأن يثبت عزمه عليه ويقوي دواعيه على التمسك به، وإنما يفعل ذلك لطفا له ومنا عليه، وثوابا على اعتدائه بهدى الله وقبوله إياه; ومن يرد أن يضله عن ثوابه وكرامته يجعل صدره في كفره ضيقا حرجا عقوبة له على تركه الايمان من غير أن يكون سبحانه مانعا له عن الايمان، بل ربما يكون ذلك داعيا إليه، فإن من ضاق صدره بالشئ كان ذلك داعيا إلى تركه.
وثانيها: أن معناه فمن يرد الله أن يثبته على الهدى يشرح صدره من الوجه الذي ذكرناه، جزاءا له على إيمانه واهتدائه، وقد يطلق الهدى ويراد به الاستدامة; ومن يرد أن يضله أي يخذله ويخلي بينه وبين ما يريده، لاختياره الكفر وتركه الايمان يجعل صدره ضيقا حرجا بأن يمنعه الألطاف التي هو ينشرح لها صدره، لخروجه من قبولها بإقامته على كفره.
وثالثها: أن معناه من يرد الله أن يهديه زيادة الهدى التي وعدها المؤمن يشرح صدره لتلك الزيادة لان من حقها أن يزيد المؤمن بصيرة، ومن يرد أن يضله عن تلك الزيادة بمعنى يذهبه عنها من حيث أخرج هو نفسه من أن تصح عليه يجعل صدره ضيقا حرجا لمكان فقد تلك الزيادة، لأنها إذا اقتضت في المؤمن ما قلناه أوجب في الكافر ما يضاده، والرجس: العذاب.
وقال في قوله تعالى: " إنا جعلنا الشياطين " أي حكمنا بذلك لأنهم يتناصرون على الباطل كما قال: " وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا ".
وقال في قوله: " ولقد ذرأنا لجهنم " يعني خلقناهم على أن عاقبتهم المصير إلى
(١٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 خطبة الكتاب 1
3 * أبواب العدل * باب 1 نفي الظلم والجور عنه تعالى، وإبطال الجبر والتفويض، وإثبات الأمر بين الأمرين، وإثبات الاختيار والاستطاعة، وفيه 112 حديثا. 2
4 باب 2 آخر وهو من الباب الأول، وفيه حديث. 68
5 باب 3 القضاء والقدر، والمشية والإرادة، وسائر أبواب الفعل، وفيه 79 حديثا. 84
6 باب 4 الآجال، وفيه 14 حديثا. 136
7 باب 5 الأرزاق والأسعار، وفيه 13 حديثا. 143
8 باب 6 السعادة والشقاوة، والخير والشر، وخالقهما ومقدرهما، وفيه 23 حديثا. 152
9 باب 7 الهداية والإضلال والتوفيق والخذلان، وفيه 50 حديثا. 162
10 باب 8 التمحيص والاستدراج، والابتلاء والاختبار، وفيه 18 حديثا. 210
11 باب 9 أن المعرفة منه تعالى، وفيه 13 حديثا. 220
12 باب 10 الطينة والميثاق، وفيه 67 حديثا. 225
13 باب 11 من لا ينجبون من الناس، ومحاسن الخلقة وعيوبها اللتين تؤثران في الخلق، وفيه 15 حديثا. 276
14 باب 12 علة عذاب الاستيصال، وحال ولد الزنا، وعلة اختلاف أحوال الخلق، وفيه 14 حديثا. 281
15 باب 13 الأطفال ومن لم يتم عليهم الحجة في الدنيا، وفيه 22 حديثا. 288
16 باب 14 من رفع عنه القلم، ونفي الحرج في الدين، وشرائط صحة التكليف، وما يعذر فيه الجاهل، وأنه يلزم على الله التعريف وفيه 29 حديثا. 298
17 باب 15 علة خلق العباد وتكليفهم، والعلة التي من أجلها جعل الله في الدنيا اللذات والآلام والمحن، وفيه 18 حديثا. 309
18 باب 16 عموم التكاليف، وفيه ثلاثة أحاديث. 318
19 باب 17 أن الملائكة يكتبون أعمال العباد، وفيه 35 حديثا. 319
20 باب 18 الوعد والوعيد، والحبط والتكفير، وفيه حديثان. 331