أحدهما أنه يقلبهما في جهنم على لهب النار وحر الجمر كما لم يؤمنوا به أول مرة في الدنيا; والآخر أن المعنى: يقلب أفئدتهم وأبصارهم بالحيرة التي تغم وتزعج النفس.
وقال الزمخشري: " ونقلب أفئدتهم ونذرهم " عطف على لا يؤمنون داخل في حكم وما يشعركم أنهم لا يؤمنون، وما يشعركم أنا نقلب أفئدتهم وأبصارهم، أي نطبع على قلوبهم وأبصارهم فلا يفقهون ولا يبصرون الحق، كما كانوا عند نزول آياتنا أولا، لا يؤمنون بها لكونهم مطبوعا على قلوبهم وما يشعركم أنا نذرهم في طغيانهم أي نخليهم وشأنهم لا نكفهم عن الطغيان حتى يعمهوا فيه. (1) وقال في قوله تعالى: " إلا أن يشاء الله " أي مشية إكراه واضطرار.
وقال الطبرسي رحمه الله في قوله: " كذلك جعلنا " وجوه: أحدها أن المراد كما أمرناك بعداوة قومك من المشركين فقد أمرنا من قبلك بمعاداة أعدائهم من الجن والإنس.
ومتى أمر الله رسوله بمعاداة قوم من المشركين فقد جعلهم أعداءا له.
وثانيها: أن معناه حكمنا بأنهم أعداء وأخبرنا بذلك ليعاملوهم معاملة الأعداء في الاحتراز عنهم والاستعداد لدفع شرهم، وهذا كما يقال: جعل القاضي فلانا عدلا وفلانا فاسقا إذا حكم بعدالة هذا وفسق ذاك.
وثالثها: أن المراد خلينا بينهم وبين اختيارهم العداوة، لم نمنعهم على ذلك كرها ولا جبرا، لان ذلك يزيل التكليف.
ورابعها: أنه سبحانه إنما أضاف ذلك إلى نفسه، لأنه سبحانه لما أرسل إليهم الرسل، وأمرهم إلى دعائهم إلى الاسلام والايمان وخلع ما كانوا يعبدونه من الأصنام والأوثان نصبوا عند ذلك العداوة لأنبيائه، ومثله قول نوح عليه السلام: " فلم يزدهم دعائي إلا فرارا " وقال: والعامل في قوله: " ولتصغى " قوله: " يوحى " ولا يجوز أن يكون العامل