بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥ - الصفحة ١٧١
ما لا نهاية له من حيرة قبل حيرة لا إلى أول، أو ثبوت إضلال لا إضلال قبله، وإذا كان ذلك من فعله فقد أضل من لم يكن فاسقا وهو خلاف قوله: " وما يضل به إلا الفاسقين " وعلى هذا الوجه فيجوز أن يكون حكم الله عليهم بالكفر وبراءته منهم ولعنته عليهم إهلاكا لهم، ويكون إهلاكه إضلالا، وكل ما في القرآن من الاضلال المنسوب إلى الله تعالى فهو بمعنى ما ذكرناه من الوجوه ولا يجوز أن يضاف إلى الله سبحانه الاضلال الذي أضافه إلى الشيطان وإلى فرعون والسامري بقوله: " ولقد أضل منكم جبلا كثيرا " (1) وقوله:
" وأضل فرعون قومه " (2) وقوله: " وأضلهم السامري " (3) وهو أن يكون بمعنى التلبيس والتغليط والتشكيك والايقاع في الفساد والضلال وغير ذلك مما يؤدي إلى التظليم و التجوير إلى ما يذهب إليه المجبرة تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
وإذ قد ذكرنا أقسام الاضلال فلنذكر أقسام الهداية التي هي ضده. اعلم أن الهداية في القرآن تقع على وجوه:
أحدها أن تكون بمعنى الدلالة والارشاد يقال: هداه الطريق وللطريق وإلى الطريق إذا دله عليه، وهذا الوجه عام لجميع المكلفين، فإن الله تعالى هدى كل مكلف إلى الحق بأن دله عليه وأرشده إليه لأنه كلفه الوصول إليه فلو لم يدله عليه لكان قد كلفه ما لا يطيق; ويدل عليه قوله تعالى: " ولقد جاءهم من ربهم الهدى " (4) وقوله: " إنا هديناه السبيل " (5) وقوله: " أنزل فيه القرآن هدى " (6) وقوله: " وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى " (7) وقوله: " وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم " (8) وقوله: " وهديناه النجدين " (9) وما أشبه ذلك من الآيات.
وثانيها أن يكون بمعنى زيادة الألطاف التي بها يثبت على الهدى; ومنه قوله تعالى: " والذين اهتدوا زادهم هدى ". (10)

(١) يس: ٦٢.
(٢) طه: ٧٩.
(٣) طه: ٨٥.
(٤) النجم: ٢٣.
(٥) الدهر: ٣.
(٦) البقرة: ١٨٥.
(٧) حم السجدة: ١٧.
(٨) الشورى: ٥٢.
(٩) البلد: ١٠.
(١٠) محمد: ١٧.
(١٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 خطبة الكتاب 1
3 * أبواب العدل * باب 1 نفي الظلم والجور عنه تعالى، وإبطال الجبر والتفويض، وإثبات الأمر بين الأمرين، وإثبات الاختيار والاستطاعة، وفيه 112 حديثا. 2
4 باب 2 آخر وهو من الباب الأول، وفيه حديث. 68
5 باب 3 القضاء والقدر، والمشية والإرادة، وسائر أبواب الفعل، وفيه 79 حديثا. 84
6 باب 4 الآجال، وفيه 14 حديثا. 136
7 باب 5 الأرزاق والأسعار، وفيه 13 حديثا. 143
8 باب 6 السعادة والشقاوة، والخير والشر، وخالقهما ومقدرهما، وفيه 23 حديثا. 152
9 باب 7 الهداية والإضلال والتوفيق والخذلان، وفيه 50 حديثا. 162
10 باب 8 التمحيص والاستدراج، والابتلاء والاختبار، وفيه 18 حديثا. 210
11 باب 9 أن المعرفة منه تعالى، وفيه 13 حديثا. 220
12 باب 10 الطينة والميثاق، وفيه 67 حديثا. 225
13 باب 11 من لا ينجبون من الناس، ومحاسن الخلقة وعيوبها اللتين تؤثران في الخلق، وفيه 15 حديثا. 276
14 باب 12 علة عذاب الاستيصال، وحال ولد الزنا، وعلة اختلاف أحوال الخلق، وفيه 14 حديثا. 281
15 باب 13 الأطفال ومن لم يتم عليهم الحجة في الدنيا، وفيه 22 حديثا. 288
16 باب 14 من رفع عنه القلم، ونفي الحرج في الدين، وشرائط صحة التكليف، وما يعذر فيه الجاهل، وأنه يلزم على الله التعريف وفيه 29 حديثا. 298
17 باب 15 علة خلق العباد وتكليفهم، والعلة التي من أجلها جعل الله في الدنيا اللذات والآلام والمحن، وفيه 18 حديثا. 309
18 باب 16 عموم التكاليف، وفيه ثلاثة أحاديث. 318
19 باب 17 أن الملائكة يكتبون أعمال العباد، وفيه 35 حديثا. 319
20 باب 18 الوعد والوعيد، والحبط والتكفير، وفيه حديثان. 331