بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥ - الصفحة ١٦٩
السادس: أن ذلك في الآخرة، وإنما أخبر عنه بالماضي لتحققه وتيقن وقوعه ويشهد له قوله تعالى: " ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما " (1) السابع: أن المراد بالختم وسم قلوبهم بسمة تعرفها الملائكة فيبغضونهم ويتنفرون عنهم وعلى هذا المنهاج كلامنا وكلامهم فيما يضاف إلى الله تعالى من طبع وإضلال و نحوهما. انتهى.
أقول: بعد قيام البرهان على امتناع أن يكلف الحكيم أحدا ثم يمنعه عن الاتيان بما كلفه به ثم يعذبه عليه وشهادة العقل بقبح ذلك وأنه تعالى منزه عنه لابد من الحمل على أحد الوجوه التي ذكرها.
وزاد الشيخ الطبرسي رحمه الله على ما ذكر وجهين آخرين: أحدهما ما سيأتي نقلا عن تفسير العسكري عليه السلام وقد مرت الإشارة إليه أيضا وهو أن المراد بالختم العلامة وإذا انتهى الكافر من كفره إلى حالة يعلم الله تعالى أنه لا يؤمن فإنه يعلم على قلبه علامة; وقيل: هي نكتة سوداء تشاهدها الملائكة فيعلمون بها أنه لا يؤمن بعدها فيذمونه ويدعون عليه كما أنه تعالى يكتب في قلب المؤمن الايمان ويعلم عليه علامة تعلم الملائكة بها أنه مؤمن فيمدحونه ويستغفرون له، فقوله تعالى: " بل طبع الله عليها بكفرهم " يحتمل أمرين: أحدهما أنه طبع الله عليها جزاءا للكفر وعقوبة عليه، والآخر أنه طبع عليها بعلامة كفرهم كما يقال: طبع عليه بالطين، وختم عليه بالشمع.
وثانيهما أن المراد بالختم على القلوب أن الله شهد عليها وحكم بأنها لا تقبل الحق كما يقال: أراك أنك تختم على كل ما يقوله فلان أي تشهد به وتصدقه، وقد ختمت عليك بأنك لا تفلح أي شهدت، وذلك استعارة. قوله تعالى: " يضل به كثيرا " قال الطبرسي رحمه الله: فيه وجهان: أحدهما: حكي عن الفراء أنه قال حكاية عمن قال: ما ذا أراد الله بهذا مثلا " أي يضل به قوم ويهدي به قوم، ثم قال الله تعالى: " وما يضل به إلا الفاسقين " فبين تعالى أنه لا يضل إلا فاسقا ضالا، وهذا وجه حسن.

(1) اسرى: 97.
(١٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 خطبة الكتاب 1
3 * أبواب العدل * باب 1 نفي الظلم والجور عنه تعالى، وإبطال الجبر والتفويض، وإثبات الأمر بين الأمرين، وإثبات الاختيار والاستطاعة، وفيه 112 حديثا. 2
4 باب 2 آخر وهو من الباب الأول، وفيه حديث. 68
5 باب 3 القضاء والقدر، والمشية والإرادة، وسائر أبواب الفعل، وفيه 79 حديثا. 84
6 باب 4 الآجال، وفيه 14 حديثا. 136
7 باب 5 الأرزاق والأسعار، وفيه 13 حديثا. 143
8 باب 6 السعادة والشقاوة، والخير والشر، وخالقهما ومقدرهما، وفيه 23 حديثا. 152
9 باب 7 الهداية والإضلال والتوفيق والخذلان، وفيه 50 حديثا. 162
10 باب 8 التمحيص والاستدراج، والابتلاء والاختبار، وفيه 18 حديثا. 210
11 باب 9 أن المعرفة منه تعالى، وفيه 13 حديثا. 220
12 باب 10 الطينة والميثاق، وفيه 67 حديثا. 225
13 باب 11 من لا ينجبون من الناس، ومحاسن الخلقة وعيوبها اللتين تؤثران في الخلق، وفيه 15 حديثا. 276
14 باب 12 علة عذاب الاستيصال، وحال ولد الزنا، وعلة اختلاف أحوال الخلق، وفيه 14 حديثا. 281
15 باب 13 الأطفال ومن لم يتم عليهم الحجة في الدنيا، وفيه 22 حديثا. 288
16 باب 14 من رفع عنه القلم، ونفي الحرج في الدين، وشرائط صحة التكليف، وما يعذر فيه الجاهل، وأنه يلزم على الله التعريف وفيه 29 حديثا. 298
17 باب 15 علة خلق العباد وتكليفهم، والعلة التي من أجلها جعل الله في الدنيا اللذات والآلام والمحن، وفيه 18 حديثا. 309
18 باب 16 عموم التكاليف، وفيه ثلاثة أحاديث. 318
19 باب 17 أن الملائكة يكتبون أعمال العباد، وفيه 35 حديثا. 319
20 باب 18 الوعد والوعيد، والحبط والتكفير، وفيه حديثان. 331