عنها خير أهل بلدي أحمد بن إسحاق صاحب مولانا أبي محمد - عليه السلام -، فارتحلت خلفه، وقد كان خرج قاصدا نحو مولاي بسر من رأى، فلحقته في بعض المناهل، فلما تصافحنا قال: لخير لحاقك بي، قلت: الشوق ثم العادة في الأسئلة.
قال: قد تكافأنا عن هذه الخطة الواحدة، فقد برح بي الشوق إلى لقاء مولانا أبي محمد - عليه السلام -، وأريد أن أسأله عن معاضل في التأويل ومشاكل من التنزيل، فدونكها الصحبة المباركة، فإنها تقف بك على ضفة بحر لا تنقضي عجائبه ولا تفنى غرائبه وهو إمامنا.
فوردنا سر من رأى فانتهينا منها إلى باب سيدنا - عليه السلام -، فاستأذنا فخرج [إلينا] (1) الاذن بالدخول عليه، وكان على عاتق أحمد بن إسحاق جراب قد غطاه بكساء طبري، فيه ستون ومائة صرة من الدنانير والدراهم، على كل صرة ختم صاحبها.
قال سعد: فما شبهت مولانا أبا محمد - عليه السلام - حين غشينا نور وجهه إلا ببدر قد استوفى من لياليه أربعا بعد عشر، وعلى فخذه الأيمن غلام يناسب المشتري في الخلقة والمنظر، على رأسه فرق بين وفرتين كأنه ألف بين واوين، وبين يدي مولانا - عليه السلام - رمانة ذهبية تلمع ببدائع نقوشها وسط غرائب الفصوص المركبة عليها، قد كان أهداها إليه بعض رؤساء أهل البصرة، وبيده، قلم إذا أراد أن يسطر به على البياض قبض الغلام على أصابعه، وكان مولانا - عليه السلام - يدحرج الرمانة بين يديه يشغله بردها لئلا يصده عن كتبة ما أراد.