فقلت لها على جهة الهزء: أريد [أن أصير] (1) إلى كربلاء، وكان الناس للخروج في النصف من شعبان أو ليوم عرفة، فقالت: يا بني أعيذك بالله أن تستهين ما ذكرت أو تقوله على وجه (2) الهزء، فإني [أحدثك] (3) بما رأيته بعد خروجك من عندنا بسنتين.
كنت في هذا البيت نائمة بالقرب من الدهليز ومعي ابنتي وأنا بين النائمة واليقظانة، إذ دخل رجل حسن الوجه نظيف الثياب طيب الرائحة فقال: (يا فلانة يجيئك الساعة من يدعوك في الجيران، فلا تمتنعي من الذهاب معه ولا تخافي)، ففزعت وناديت ابنتي، وقلت لها:
هل شعرت بأحد دخل البيت؟ فقالت: لا، فذكرت الله وقرأت ونمت، فجاء الرجل بعينه وقال [لي] (4) مثل قوله، ففزعت وصحت بابنتي، فقالت: لم يدخل البيت أحد فاذكري الله ولا تفزعي، فقرأت ونمت.
فلما كان في الثالثة جاء الرجل وقال: (يا فلانة قد جاءك من يدعوك ويقرع الباب فاذهبي معه)، وسمعت دق الباب فقمت وراء الباب وقلت: من هذا؟ فقال: افتحي ولا تخافي، فعرفت كلامه وفتحت الباب فإذا خادم معه إزار، [فقال:] (5) يحتاج إليك بعض الجيران لحاجة مهمة فادخلي، ولف رأسي بالملاءة وأدخلني الدار وأنا أعرفها، فإذا بشقاق (6) مشدودة وسط الدار ورجل قاعد بجنب الشقاق، فرفع الخادم طرفه فدخلت، وإذا امرأة قد أخذها الطلق، وامرأة قاعدة خلفها كأنها