- صلوات الله عليه - وسيفه وعمامته؛ فأقبلا حتى جلسا بين يدي أبي بكر، فافتتح العباس الكلام.
فقال له أبو بكر: لا تعجل يا أبا الفضل، فإني سائلك عن أمر لست أسألك إلا وأنا عالم به: أنشدك بالله! هل تعلم أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جمع بني عبد المطلب وأولادهم وأنت فيهم فقال: " يا بني عبد المطلب، إنه لم يبعث الله نبيا إلا وجعل له [أخا و] وزيرا ووارثا ووصيا (من قومه) (1) وخليفة من أهل بيته، فمن يقوم منكم يبايعني على أنه يكون أخي ووزيري ووارثي (2) وخليفتي في أهلي "، فلم يقم أحد منكم! فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " [يا بني عبد المطلب] كونوا في الإسلام رؤوسا ولا تكونوا أذنابا، والله ليقومن قائمكم وليكونن في غيركم، ثم لتندموا من بعد "، فقام علي من بينكم فبايعه على ما شرط له ودعاه إليه، تعلم أن هذا جرى من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟!
فقال له العباس: نعم، والحجة في هذا عليك! وإلا فما أقعدك في مجلسك هذا؟!
ولم تقدمت وتأمرت عليه؟!
فأطرق أبو بكر وتشاغل بشيء آخر، ونهض علي آخذا بيد العباس وهو يقرأ:
(وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض) (3) إلى آخر الآية.
وروي أنهما قدما على عمر بعدما صار الأمر إليه، فقال لهما عمر: أخرجا عني، فهمت يا بني عبد المطلب؛ هذا الذي فعله العباس إنما فعله توبيخا لأبي بكر وتهجينا له وتنبيها على أنه غاصب حق علي (عليه السلام)، وكان علي والعباس في هذه الصورة مثل الخصمين اللذين دخلا على داود، ولا يخفى هذا على من صح لبه ومال إلى الهدى، والله أعلم!