كان [والله] داعيا إلى المحجة العظمى، ومتمسكا بالعروة الوثقى، عالما بما في الصحف الأولى، وعاملا بطاعة الملك الأعلى، وعارفا بالتأويل والذكرى، متعلقا بأسباب الهدى، حائدا عن طرقات الردى، ساميا إلى المجد والعلى، قائما بالدين والتقوى، وتاركا للجور والعدوي، وخير من آمن واتقى، وسيد من تقمص وارتدى، وأبر من انتعل وسعى، وأصدق من تسربل واكتسى، وأكرم من تنفس وقرى، وأفضل من صام وصلى، وأفخر من ضحك وبكى، وأخطب من مشى على الثرى، وأفصح من نطق في الورى بعد النبي المصطفى، [صلى القبلتين].
فهل يساويه أحد وهو زوج خير النسوان؟! (1) وهل يساويه بطل وهو أبو السبطين؟! فهل يدانيه خلق؟! وكان والله للأشداء قتالا، وللحرب شعالا وفي الهزائز (2) جبالا؟ (3) وعن الأعمش قال: سئل عبد الله بن عباس أيضا عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، فقال: كيف أصف ربيب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأخاه وزوج ابنته سيدة نساء العالمين، وأبا سبطيه الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة؟!
وكيف أصف من يقول له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " أنت يوم القيامة قسيم النار والجنة، يقول للنار: هذا لي وهذا لك "؟!
أم كيف أصف من قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في شأنه: " أنت حبيب الله وحبيبي، وخليل الله وخليلي، وصفي الله وصفيي، وحجة الله وحجتي، وباب الله وبابي "؟!
أم كيف أصف من قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " نفس علي كنفسي، وطاعته كطاعتي، ومعصيته كمعصيتي "؟!
أم كيف أصف من سبق الناس إلى الإيمان بربه عزوجل وإلى رسوله، وأجهدهم