أغنيت عني شيئا، لا جرم لا أكلمك أبدا.
وجاء خالد بن سعيد بن العاص، وكان له رأي في علي، وسمع بعض كلامهما.
وقال: اخفض صوتك يا أبا الفضل، فإن أبا سفيان شيخ قريش. قال: إنه كلمني وكلمني، ولو أردت به سوءا فمن ذا كان يمنعه مني!
قال خالد بن سعيد: أنا والله أمنعه ورغما (1) وجدعا لمن أراده بسوء! إنما أراد الرجل أن يبايع عليا.
ثم جلسا حتى خرج إليهما علي (عليه السلام)، فقاما واكتنفاه.
قال جابر: وكنت معهم يومئذ، فقال له خالد بن سعيد: يا أبا الحسن، أعلمت ما أحدث القوم من البيعة؟
قال: " لقد أنبئت ذلك، وأنا لفي شغل بمصابنا برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عما أحدثوه ".
قال له خالد بن سعيد: قد علمت انقطاعي إليك - دون بني أبي - ومحبتي لك، فمرني بأمرك، فأنت والله أحب الناس إلي.
وقال أبو سفيان بن حرب: يا علي، ابسط يدك أبايعك (2)، فقد علمتني في الحرب لا أبي وأتثبط، فإن ترد قتالا فوالله لأملأنها عليهم خيلا ورجلا.
فقال علي (عليه السلام) لخالد خيرا كثيرا ودعا له بالخير وقال: " لقد علمتك ناطقا سباقا إلى كل خير، انصرف ننظر في ذات بيننا، فعندي من رسول الله عهد، ولئن بايعني رجال من المسلمين لأطأنهم بسيفي، وقليل ما هم ".
قال أبو سفيان: اجعل ربقتها (3) يا علي في عنقي.
قال علي (عليه السلام): " امض يا أبا سفيان، وما غناؤك والأمر لما يلتئم! ".
قال خالد بن سعيد: فإنا على أثرك ونصب أمرك؛ إن قعدت قعدنا وإن نهضت نهضنا.