يصلون إلى المشرق، فأراد الناس ان ينهوهم عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله ثم أمهلهم وامهلوه ثلاثا فلم يدعهم ولم يسألوه لينظروا إلى هديه ويعتبروا ما يشاهدون منه مما يجدون من صفته.
فلما كان بعد ثالثة دعاهم صلى الله عليه وآله إلى الاسلام فقالوا: يا أبا القاسم ما أخبرتنا كتب الله عز وجل بشئ من صفة النبي المبعوث بعد الروح عيسى عليه السلام الا وقد تعرفناه فيك الا خلة هي أعظم الخلال آية ومنزلة واجلاها امارة ودلالة.
قال صلى الله عليه وآله: وما هي؟ قالوا: انا نجد في الإنجيل من صفة النبي الغابر 1 من بعد المسيح انه يصدق به ويؤمن به وأنت تسبه وتكذب به وتزعم انه عبد، قال:
فلم تكن خصومتهم ولا منازعتهم للنبي صلى الله عليه وآله الا في عيسى عليه السلام.
فقال النبي صلى الله عليه وآله: لا، بل أصدقه واصدق به وأؤمن به واشهد انه النبي المرسل من ربه عز وجل وأقول: انه عبد لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا، قالوا: وهل يستطيع العبد ان يفعل ما كان يفعل وهل جاءت الأنبياء بما جاء به من القدرة القاهرة ألم يكن يحيى الموتى ويبرى الأكمه والأبرص وينبئهم بما يكنون 2 في صدورهم وما يدخرون في بيوتهم، فهل يستطيع هذا الا الله عزو جل أو ابن الله، وقالوا في الغلو فيه وأكثروا، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا؟
فقال صلى الله عليه وآله: قد كان عيسى اخى كما قلتم يحيى الموتى ويبرى الأكمه والأبرص ويخبر قومه بما في نفوسهم وبما يدخرون في بيوتهم، وكل ذلك بإذن الله عز وجل وهو لله عز وجل عبد وذلك عليه غير عار وهو منه غير مستنكف، فقد كان لحما ودما وشعرا وعظما وعصبا وامشاجا 3 يأكل الطعام ويظمى وينصب باربه 4 وربه