الاحد الحق الذي ليس كمثله شئ وليس له ند، فأرنا مثله من جاء من غير فحل ولا أب؟
قال: هذا آدم عليه السلام أعجب منه خلقا، جاء من غير أب ولا أم وليس شئ من الخلق بأهون على الله عز وجل في قدرته من شئ ولا أصعب، (إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون) 1، وتلا عليهم: (ان مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون) 2، قالا: فما نزداد منك في أمر صاحبنا الا تباينا وهذا الأمر الذي لا نقر لك فهلم فلنلاعنك أينا أولى بالحق فنجعل لعنة الله على الكاذبين، فإنها مثلة وآية معجلة.
فأنزل الله عز وجل آية المباهلة على رسول الله صلى الله عليه وآله: (فمن حاجك فيه بعدما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبنائنا وأبناءكم ونساءكم وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين) 3، فتلا عليهم رسول الله صلى الله عليه وآله ما نزل عليه في ذلك من القرآن، فقال صلى الله عليه وآله: ان الله قد امرني أصير إلى ملتمسكم وأمرني بمباهلتكم ان أقمتم وأصررتم على قولكم، قالا: وذلك آية ما بيننا وبينك إذا كان غدا باهلناك.
ثم قاما وأصحابهما من النصارى معهما فلما أبعدا وقد كانوا أنزلوا بالحرة 4 اقبل بعضهم على بعض فقالوا: قد جاءكم هذا بالفصل من امره وأمركم فانظروا أولا بمن يباهلكم بكافة اتباعه، أم بأهل الكتاب من أصحابه، أو بذوي التخشع والتمسك 5 والصفوة دينا وهم القليل منهم عددا، فان جاءكم بالكثرة وذوي الشدة منهم، فإنما جاءكم مباهيا كما يصنع الملوك، فالفج 6 إذا لكم دونه، وان اتاكم بنفر قليل من