وتذكر رحمك الله جل جلاله منته عليك واحسانه إليك، كيف انزل الكعبة الشريفة، وجعلها بابا إليه، ومحلا لفتح أبواب عفوه ورحمته عند الجرأة عليه، واسترضاك، وأنت ملطخ بأنجاس الذنوب وأدناس العيوب ان تزوره إليها، وأن تكون قبلة لك إذا أردت التوجه إليه توجهت إليها.
وارحم ضعف قلبك وكبدك، ورقة نفسك وجسدك، فلا تعرضها لخطر أن يكون مولاك ومالك دنياك وأخراك مقبلا عليك يدعوك إليه، وأنت معرض عنه متمرد عليه.
ويحك من أين يأتيك وجودك إذا ضيعته، ومن أين يأتيك بقاؤك إذا أهملته ومن أين يأتيك حياتك إذا أعرضت عنه، ومن أين يأتيك عافيتك إذا هربت منه، ومن يحميك من بأسه الشديد، ومن يدفع عنك غضبه إذا غضب من قريب أو بعيد، ومن ترجوه لنوائبك ومصائبك وأسقامك وبلوغ مرامك إذا خرجت من حماه وهجرته وآثرت عليه مالا بقاء له لولاه.
عد ويحك إلى الطواف حول كعبة كرمه، وطف بالذل على أبواب حلمه ورحمته وسالف نعمه، واجر على الخدود دموع الخشوع، وجد بماء الجفون قبل نفاد ماء الدموع، العاجز عن تفريح كربه، فإنك تجده جل جلاله بك رحيما، وعنك حليما، وعليك عطوفا، وباحتمال سفهك رؤوفا.
فلمن تدخر الذل أحق به منه، ولمن تصون الدمع إذا حبسته عنه، واذكرني بالله عند تلك الساعة فيما تناجيه جل جلاله من الدعاء والضراعة.
فصل (12) فيما نذكره من فضل زائد ليلة يوم دحو الأرض ويومها وهو نقلناه من خط علي بن يحيى الخياط، وقد ذكرنا انه من جملة من رويناه عنه باسناد ذكره عن عبد الرحمان السلمى، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله