في بلد أبيه إسماعيل - يعنى مكة - كثير الازواح قليل الأولاد نسله من مباركة صديقة، يكون له منها ابنة، لها فرحان سيدان يستشهدان، اجعل نسل احمد منهما، فطوباهما ولمن أحبهما وشهد أيامهما فنصرهما.
قال عيسى عليه السلام، الهى وما طوبى؟ قال: شجرة في الجنة ساقها وأغصانها من ذهب وورقها حلل وحملها كثدي الابكار، أحلى من العسل وألين من الزبد وماؤها من تسنيم لو أن غرابا طار وهو فرخ لا دركه الهرم من قبل ان يقطعها، وليس منزل من منازل أهل الجنة الا وظلاله 1 فنن 2 من تلك الشجرة، قال: فلما أتى القوم على دراسة ما أوحى الله عز وجل إلى المسيح عليه السلام من نعت محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وصفته وملك أمته وذكر ذريته وأهل بيته، أمسك الرجلان مخصومين وانقطع التحاور بينهم في ذلك.
قال: فلما فلج حارثة على السيد والعاقب بالجامعة وما تبينوه بينوه في الصحف القديمة ولم يتم لهما ما قدروا من تحريفها ولم يمكنهما ان يلتبسا 3 على الناس في تأويلهما امسكا عن المنازعة من هذا الوجه وعلما انهما قد أخطأ سبيل الصواب فصار إلى معبدهم 4 آسفين 5 لينظرا ويرتئيا 6، وفزع إليهما نصارى نجران، فسألوهما عن رأيهما وما يعملان في دينهما، فقالا: ما معناه تمسكوا بدينكم حتى يكشف دين محمد وسنسير إلى بنى قريش إلى يثرب وننظر إلى ما جاء به والى ما يدعوا إليه.
قال: فلما تجهز السيد والعاقب للمسير إلى رسول الله بالمدينة انتدب 7 معهما أربعة عشر راكبا من نصارى نجران هم من أكابرهم فضلا وعلما في أنفسهم وسبعون رجلا