الثلاثة في هذه الأشهر المباركات، فأراد الله تعالى أن يكون افتتاح صوم هذه الأيام مباركا، وهو الخميس، وختمها بيوم مبارك، وهو السبت، لقول النبي صلى الله عليه وآله: بورك لأمتي في سبها وخميسها، تعظيما لهذا الصوم حيث وقع في الأشهر الحرم المعظمة المباركة المكرمة.
أو لعله يحتمل أن يكون يوم الأحد من هذا الشهر معظما كما قدمناه، وهو يوم ابتداء خلق الدنيا، فيراد أن يكون مع يوم الفراغ من خلقها وتمامها، وهو يوم السبت، معظما، وشكرا لله في ابتدائها وفراغها.
فصل (6) فيما نذكره من فضل ليلة النصف من ذي القعدة والعمل فيها اعلم رحمك الله ان كل وقت اختاره الله جل جلاله لدعوة عباده إلى حبه وقربه واسعاده وانجاده وارفاده، فان ذلك من أوقات اقبال العبد واعياده، حيث ارتضاه الله جل جلاله للوفود بشريف بابه، وشرفه بما لم يكن في حسابه.
ونحن ذاكرون في هذا الفصل ما لم نذكره مما يتكرر في السنة مرة واحدة، كما يفتحه الله جل جلاله علينا من الفائدة، ووجدناه مما تخيرناه في ذلك وأردناه ما رأيناه في كتاب أدب الوزراء تأليف أحمد بن شاذان في باب شهور العرب:
وروى عن النبي صلى الله عليه وآله ان في ذي القعدة ليلة مباركة، وهي ليلة خمس عشرة، ينظر الله إلى عباده المؤمنين فيها بالرحمة، اجر العامل فيها بطاعة الله اجر مائة سائح لم يعص الله طرفة عين، فإذا كان نصف الليل فخذ في العمل بطاعة الله والصلاة وطلب الحوائج، فقد روى أنه لا يبقى أحد سال الله فيه حاجة الا أعطاه.
أقول: فاغتنم نداء الله جل جلاله لك إلى مجلس سعادتك وتشريفات بمجالستك ومشافهتك ومحل قضاء حاجتك، وأفكر لو كانت هذه المناداة من سلطان زمانك كيف تكون نشيطا إلى الحضور بين يديه بغاية امكانك، ولا يكن الله جل جلاله عندك دون هذه الحال، والذي قد عرضه الله جل جلاله عليك هو للدنيا ولدار الدوام