الذي بينتما ونبأتما انه يملك مشارق الأرض ومغاربها ويظهره الله عز وجل بالحنيفة الإبراهيمية على النواميس كلها؟ قالا: أولى لك يا حارثة لقد أغفلناك 1 وتأبى الا مراوغة كالثعالبة فما تسأم المنازعة ولا تمل من المراجعة، ولقد زعمت مع ذلك عظيما فما برهانك به؟ قال: اما وجدكما لانبئكما ببرهان يجير من الشبهة ويشفى به جوى 2 الصدور.
ثم أقبل على أبى حارثة حصين بن علقمة شيخهم واسقفهم الأول، فقال: ان رأيت أيها الأب الأثير ان تؤنس قلوبنا وتثلج صدورنا باحضار الجامعة والزاجرة، قالوا: وكان هذا المجلس الرابع من اليوم وذلك لما خلقت 3 الأرض وركدت الشمس وفى زمن قيظ 4 شديد، فاقبلا على حارثة، فقالا: ارج هذا إلى غد فقد بلغت القلوب منا الصدور فتفرقوا على احضار الزاجرة والجامعة من غد للنظر فيهما والعمل بما يتراان منهما.
فلما كان من الغد صار أهل نجران إلى بيعتهم لاعتبار ما أجمع صاحباهم مع حارثة على اقتباسه وتبينه من الجامعة، ولما رأى السيد والعاقب اجتماع الناس لذلك قطع بهما 5 لعلمها 6 بصوا قول حارثة واعترضاه ليصدانه عن تصفح الصحف على أعين الناس وكانا من شياطين الانس.
فقال السيد: انك قد أكثرت وأمللت قض الحديث لنا مع قصه 7 ودعنا من تبيانه، فقال حارثة: وهل هذا الا منك وصاحبك، فمن الان فقولا ما شئتما، فقال العاقب:
مامن مقال الا قلنا وسنعود فنخبر بعض ذلك تخبيرا غير كاتمين لله عز وجل من حجة ولا جاحدين له آية ولا مفترين مع ذلك على الله عز وجل لعبد انه مرسل منه وليس