وشمر (1) وشد المئزر وبرز من بيته واعتكف وأحيا الليل كله، وكان يغتسل كل ليلة منه بين العشائين، فقلت: ما معنى شد المئزر (2)؟ فقال: كان يعتزل النساء فيهن - وفي رواية أخرى: انه ما كان يعتزلهن (3).
أقول: سألني بعض أهل الدين فقال: ما يظهر لي زيادة انتفاع بمنع الشياطين، لأنني أرى الحال التي كنت عليها من الغفلة قبل شهر رمضان، كأنها على حالها ما نقصت بمنع أعوان الشيطان. فقلت له:
يحتمل ان الشياطين لو تركوا على حالهم في اطلاق العنان كانوا يحسدونكم على هذا شهر الصيام، فيجتهدون في هلاككم مع الله جل جلاله أو في الدنيا بغاية الامكان، فيكون الانتفاع بمنعهم من زايادات الأذيات والمضرات، ودفعهم عما يعجز الانسان عليه من المحذورات.
ويحتمل أن يكون لكل شهر شياطين به دون سائر الشهور، فيكون منع الشياطين في شهر رمضان يراد به شياطين هذا الشهر المذكور، وغيرهم من الشياطين على حالهم، مطلقين فيما يريدونه بالانسان من الأمور، فلذلك ما يظهر للانسان سلامتهن من وسوسة الصدور.
ويحتمل أن يكون منع الشياطين عن قوم مخصوصين، بحسب ما يقتضيه مصلحتهم ورحمة رب العالمين، والا فان الكفار وغيرهم ربما لا تغل عنهم الشياطين في شهر رمضان ولا في غيره من الأزمان.
ومن الجواب انه يحتمل ان العبد معه إبليس والشياطين، فإذا غلت الشياطين كفاه إبليس في غروره للمكلفين.
ومن الجواب انه يحتمل ان العبد معه نفسه وطبعه وقرناء السوء، وإذا غلت