الجواب: إن معنى الكتابة هنا: الحكم. يريد: أعندهم علم الغيب، فهم يحكمون فيقولون: سنقهرك ونطردك، وتكون العاقبة لنا، لا لك. ومثله قول الجعدي (١):
ومال الولاء بالبلاء فملتم * وما ذاك حكم الله إذ هو يكتب (٢) أي يحكم (٣). ومثله ﴿وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس﴾ (٤).
ومثله قوله صلى الله عليه وآله للمتحاكمين إليه: " والذي نفسي بيده لأقضين فيكما بكتاب الله " أي بحكم الله لأنه أراد الرجم والتعذيب، وليس ذلك في [ظاهر] (٥) كتاب الله.
فصل وقالوا: في قوله: ﴿وقل إني أنا النذير المبين * كما أنزلنا على المقتسمين * الذين جعلوا القرآن عضين﴾ (٦) كيف يليق أحد الكلامين ولفظ " كما " يأتي لتشبيه شئ بشئ تقدم ذكره ولم يتقدم في أول الكلام ما يشبه به ما تأخر عنه.
كذلك قالوا في قوله: ﴿لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم * كما أخرجك ربك من بيتك بالحق﴾ (7) ما الذي يشبه (8) بالكلام الأول من إخراج الله إياه.
وقالوا في قوله: (ولاتم نعمتي عليكم ولعلكم تهتدون * كما أرسلنا). (9) الجواب: إن القرآن نزل على لسان العرب، وفيه حذف وإيماء، ووحي وإشارة فقوله: " أنا النذير المبين " فيه حذف كأنه قال: أنا النذير المبين عذابا، مثلما أنزل على المقتسمين، فحذف العذاب إذ كان الانذار يدل عليه كقوله في موضع: