قال: فرأيت في منامي أنه خرج من منخره طير أبيض، فطار فبلغ المشرق والمغرب، ثم رجع حتى سقط على بناء (1) الكعبة، فسجدت له قريش كلها، فبينما الناس يتأملونه إذ صار نورا بين السماء والأرض، وامتد حتى بلغ المشرق والمغرب، فلما انتبهت سألت كاهنة بني مخزوم، فقالت: يا عباس لئن صدقت رؤياك ليخرجن من صلبه ولد يصير أهل المشرق والمغرب تبعا له.
قال أبي: فهمني أمر عبد الله إلى أن تزوج بآمنة وكانت من أجمل نساء قريش وأتمها خلقا.
فلما مات عبد الله رضي الله عنه وولدت آمنة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وآله (2) أتيته فرأيت النور بين عينيه يزهر، فحملته وتفرست في وجهه، فوجدت منه ريح المسك، وصرت كأني قطعة مسك من شدة ريحه (3).
فحدثتني آمنة: إنه لما أخذني الطلق، واشتد بي الامر، سمعت جلبة (4) وكلاما لا يشبه كلام (5) الآدميين، ورأيت علما من سندس على قضيب من ياقوت قد ضرب بين السماء والأرض. ورأيت نورا يسطع من رأسه (6) حتى بلغ السماء.
ورأيت قصور الشامات كلها كأنها شعلة نار (7).
ورأيت من القطا شيئا (8) عظيما، قد نشرت أجنحتها حولي، فرأيت شعيرة (9) الأسدية قد مرت، وهي تقول: آمنة ما لقيت الكهان والأصنام من ولدك؟!