فيقال لهم (1): إذا جوزتم في المعجزات أن تكون من باب السحر ولا يحصل بظهورها لكم العلم اليقيني بصدق (2) النبي، فجوزوا فيمن قرأ القرآن أنه ساحر وفي من عمل (3) صنعة من الصنائع أن صانعها ساحر لا يحكمها، لكنه يرى بسحره أنه أحكمها، وفي ذلك سد الطريق عليكم إلى معرفة ما يسهو (4) على أصولكم لأنكم تقولون بصحة السحر، وأن الساحر بفضل علومه يتمكن من إحداث ما لا يقدر عليه بشر مثله.
وقلتم: إن هذا السحر هو علم قد كان ثم انقطع باحراق المسلمين كتب الأكاسرة التي صنفها الفلاسفة في علم السحر.
فمن يقول منكم بصحة النبوة هو أولى بأن يقول: الساحر نبي من الأنبياء.
لان على قوله: " من بلغ في علومه إلى أن يتمكن مما لا يتمكن منه بشر مثله " فإنه يتمكن بفضل علومه أن يضع شرائع وسننا مطابقة لمصالح الناس، يصلح بها دنياهم إذا قبلوا منه.
فعلى هذا إذا أتى النبي بمعجز وجب القول بصدقه وحصول اليقين بنبوته.
فصل قالوا: علمنا هذه الشرعيات، فاستعملنا هذه العبادات، فوجدناها راتعة في (5) رياضة النفس، والتنزه عن رذائل الأخلاق، وداعية إلى محاسنها.
وإلى هذا أشار بعضهم فقال: إذا فهمت معنى النبوة، فأكثر النظر في القرآن والاخبار يحصل لك العلم الضروري، بكون محمد صلى الله عليه وآله على أعلى درجات النبوة