قال القاضي وغيره: القوم مؤنثة ولذلك تصغر على قويمة.
(يعني من كان بينه وبين آدم (عليه السلام)) يعني كذبوا نوحا ومن قبله من الرسل بعد إظهار نوح رسالتهم وبهذا التفسير أيضا صرح بعض المفسرين وقيل كذبوا نوحا وحده الا أن تكذيب واحد من الرسل لما كان كتكذيب الكل صح أنهم كذبوا الكل فأهلكهم الله تعالى بالطوفان.
(إلى أن انتهى إلى قوله عز وجل وان ربك لهو العزيز الرحيم) أي العزيز المنتقم من أعدائه الرحيم لأوليائه، والآية في سورة الشعراء (وهو قول الله عز وجل (وإلى عاد) أي وأرسلنا إلى عاد (أخاهم هودا)) أخاهم مفعول وهودا عطف بيان له (وقوله عز وجل كذبت عاد المرسلين) يعني كذبوا من كان بين هود وآدم (عليه السلام) أو هودا وحده، وتكذيبه تكذيب الكل وأريد بعاد القبيلة ولذلك أنث الفعل وهو في الأصل اسم أبيهم (إذ قال لهم أخوهم هود ألا تتقون) عقاب الله بالإيمان به وبرسوله وباليوم الآخر وترك الشرك وقالوا (سواء علينا أوعظت أم لم تكن من الواعظين * إن هذا إلا خلق الأولين * وما نحن بمعذبين) وأهلكهم الله تعالى بريح صرصر كما هو مذكور في الكتاب المبين.
(وقال الله تبارك وتعالى ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب) إذ وصى هذان النبيان الكريمان بنيهما بالملة المعينة من عند الله تعالى وقالا (يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون) ظهر أن الخلافة بالوصاية بأمر الله تعالى كما أن النبوة بأمره تعالى وكذلك قال إبراهيم (عليه السلام) (ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم) وقوله (ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلا هدينا) لنجعلها في أهل بيته) دل على أن النبوة والهداية من صنعه تعالى يضعها في أهل بيت النبي فكيف يتخلف هذا عن أهل بيت خاتم الأنبياء (وآمن العقب من ذرية الأنبياء من كان قبل إبراهيم لإبراهيم (عليه السلام)) دل على أن سنة الله في خلافة اللاحق أن تكون بوصاية السابق دائما وأنها لم تكن مختصة ببعض فلا ينبغي التخلف في بعض المواد وفي بعض النسخ وأمر بالراء (وكان بين إبراهيم وهود من الأنبياء) كلهم يبشرون أمته بخلافة إبراهيم (عليه السلام) ويوصونهم بمتابعته وهذه السنة كانت مستمرة لا ينكرها إلا الجاهلون ومن للتبعيض ثم أراد (عليه السلام) أن يبين ما ذكره من أن نبيا من ذرية الأنبياء آمن لإبراهيم (عليه السلام) وأن إبراهيم (عليه السلام) نبي فقال لبيان الأول (وهو قول الله عز وجل وما قوم لوط منكم ببعيد) خوف شعيب (عليه السلام) قومه المعاندين المشركين بمثل ما أصاب أقوام الأنبياء السابقين فقال (ويا قوم لا يجر منكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعيد) بحسب الزمان والمكان فإن لم يعتبروا بمن قبلهم لبعدهم فاعتبروا بهم لقربهم، وفيه دلالة واضحة على أن لوطا وهو من ذرية الأنبياء نبي.
وقال لبيان الثاني (وقوله عز وجل فآمن له لوط وقال إني مهاجر) من قومي (إلى ربي) وهو ابن خالته كما سيجيء وأول من آمن به وقيل آمن به حين رأى أن النار لم