والأنبياء والحكماء والأئمة الهداة والحلماء) «من» للبيان أي حفظ الميثاق واستنباط العلم شأن الفضل وأمرهم، والفضل جمع فاضل مثل كمل جمع كامل، ووصفهم بالأوصاف المذكورة باعتبار تعدد الجهات الذين هم ولاة أمر الله عز وجل أي دين الله أو حكمه وهي صفة للمفضل.
(واستنباط علم الله) من الكتب الإلهية وهو عطف على أمر الله (وأهل آثار علم الله) وهي السلاح والمعجزات والأخبار بالمغيبات وتطهير الظاهر والباطن عن الرذايل وتزيينها بالفضايل وتحذير الخلق عن المنهيات وإرشادهم إلى الخيرات والظاهر أن عطفه على أمر الله غير صحيح وعلى الولاة غير مناسب للعطف السابق والأولى أنه مبتدأ وقوله (من الذرية التي بعضها من بعض) خبر له وقوله (من الصفوة بعد الأنبياء (عليهم السلام)) خبر بعد خبر وقوله (من الآباء والإخوان والذرية من الأنبياء) بيان للأنبياء يعني أن أهل آثار علم الله من الصفوة بعد الأنبياء كلهم في الزمان لا في الرتبة والأنبياء آباؤهم وإخوانهم في الدين وذرية الأنبياء (فمن اعتصم بالفضل) الموصوفين بالصفات المذكورة وهم أهل البيت (عليهم السلام) (انتهى بعلمهم) إلى الدرجة القصوى والمرتبة العليا المطلوبة من الإنسان (ونجا بنصرتهم) من العقوبات الاخروية.
(ولم يكن لهم حجة يوم القيامة) أي لم يكن لهم إمام يدفع عنهم العذاب ويشفع لهم أو برهان «ودليل يوم القيامة حين سئلوا لم جعلتم الجهال وغير آل إبراهيم من أهل بيت نبيكم وذريته خلفاء أمناء في دين الله إنما الحجة في آل إبراهيم ليس لهم أن يقولوا من جعلناهم خلفاء أيضا آل إبراهيم لأن المراد بالحجة من آل إبراهيم من جعله الله تعالى حجة بدليل قوله تعالى (وآتيناهم ملكا عظيما) والملك العظيم هو الإمامة.
(وصية الله بعضها من بعض التي وضعها على الناس) الظاهر أنها خبر مبتدأ محذوف وهو هذه وإن ما بعدها صفة لها وأن ضمير التأنيث راجع إليها يعني هذه «أي النبوة والخلافة» وصية الله على الأنبياء، أمر المتقدم منهم أن يوصي للمتأخر، وأوجب على غيرهم قبولها أو متابعتها.
وأشار إلى تفصيل هذا الإجمال بقوله (فقال عز وجل: (في بيوت أذن الله أن ترفع) وهي بيوتات الأنبياء والرسل والحكماء وأئمة الهدى) ولم تزل فيهم وفي ذريتهم يرثها بعض عن بعض قرنا فقرنا بأمر الله تعالى حتى ورثها الله تعالى النبي (صلى الله عليه وآله) ووضعها النبي في أهل بيته وذريته بأمر الله تعالى.
(فهذا بيان عروة الإيمان) أي الكلام المذكور بيان عروة الإيمان والمراد من الإيمان إما المعنى المعروف أو الدين الذي شرع الله تعالى لعباده، والمراد بالعروة الرسول ووصيه على سبيل الاستعارة لأن من تمسك بها فهو حامل للإيمان وناج من الهلاك الدنيوي والأخروي، والعقوبات اللاحقة لمن لم يتمسك بها (وبها ينجو من يتبع الأئمة) الأنسب أن يقول: وبها ينجو من ينجو منكم وإنما عدل عنه للتصريح بالمقصود وهو أن نجاة هذه الأمة باتباع الأئمة من آل محمد (صلى الله عليه وآله) وقد قال الله عز وجل في كتابه (ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلا هدينا) أي إلى العلم