وولدتهما في ساعة واحدة وماتا في ساعة واحدة ودفنا في قبر واحد عاش أحدهما خمسين ومائة سنة وعاش الآخر خمسين سنة من هما؟ فقال أبو جعفر (عليه السلام): عزير وعزرة كانا حملت أمهما بهما على ما وصفت ووضعتهما على ما وصفت وعاش عزير وعزرة كذا وكذا سنة ثم أمات الله تبارك وتعالى عزيرا مائة سنة ثم بعث وعاش مع عزرة هذه الخمسين سنة وماتا كلاهما في ساعة واحدة.
فقال النصراني: يا معشر الأنصار ما رأيت بعيني قط أعلم من هذا الرجل، لا تسألوني عن حرف وهذا بالشام ردوني، قال: فردوه إلى كهفه ورجع النصارى مع أبي جعفر (عليه السلام).
* الشرح:
قوله (حديث نصراني الشام مع الباقر (عليه السلام)) رأيت في بعض الكتب بعد نقل هذه الحكاية أنه آمن به ولم يحضرني الآن اسمه (ثم ربطوا عينيه) كأنهم ربطوا حاجبيه لطوله المانع من الرؤية أو لئلا تضر من شعاع الشمس بعد خروجه من ظلمة الغار وذلك كما توضع اليد فوق الحاجبين عند مواجهة الشمس لأجل رؤية ما يقابله وتعلق الربط بالعين لأدنى ملابسة ومقاربة.
(من ساعات الجنة) على سبيل التشبيه في الشرف والاعتدال كما مر أو هي من ساعاتها وضعت بينهما.
(أخبرني عن أهل الجنة كيف صاروا يأكلون ولا يتغوطون أعطني مثلهم في الدنيا) في كتاب مسلم عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: «أول زمرة يدخلون الجنة من أمتي على صورة القمر ليلة البدر، ثم الذين يلونهم على أشد نجم في السماء إضاءة ثم هم بعد ذلك على منازل لا يتغوطون ولا يبولون ولا يمتخطون ولا يبزقون أمشاطهم الذهب ومجامرهم الألوة ورشحهم المسك، أخلاقهم على خلق رجل واحد، على طول أبيهم آدم ستون ذراعا يعني لا تباغض بينهم ولا تحاسد قلوبهم كقلب واحد وأخلاقهم كخلق واحد». قال عياض: الرشح العرق والألوة بفتح الهمزة وضم اللام العود الهندي ثم قال:
مذهب أئمة المسلمين أن تنعم أهل الجنة حسي كتنعم أهل الدنيا إلا ما بينهم من التفاوت الذي لا شركة فيه إلا بحسب الاسم وأنه دايم لا ينقطع خلافا للفلاسفة والنصارى من قولهم إن تنعم الآخرة إنما هو لذات عقلية وانتقال من هذا العالم إلى الملأ الأعلى، وهذا المعنى هو المعبر عندهم بالجنة، وخلافا لبعض المعتزلة في أن نعيم الجنة غير دائم وإنما هو لأجل، وقالوا مثله في عذاب جهنم، إلا أنهم عندهم يفنون، وهذا كله خلاف ملة الإسلام وسخافة عقل وخلاف في كتاب الله تعالى وأحاديث نبيه صلى الله عليه وآله.