المعصومون (عليهم السلام) (وآل عمران على العالمين) قيل: آل عمران إما موسى وهارون ابنا عمران بن يصهر ونسبهما إلى لاوي بن يعقوب وهو جد رابع لهما، أو عيسى ومريم ابنة عمران بن مأتان، ونسبهما إلى يهودا ابن يعقوب وهو الجد الثاني والثلاثين لعيسى (عليه السلام)، وسليمان (عليه السلام) جد العشرين له وكان بين العمرانين ألف وثمانمائة سنة.
(ذرية بعضها من بعض) حال أو بدل من الأولين أو منهما ومن نوح يعني أنهم ذرية واحدة متشعبة بعضها من بعض، وقيل: بعضها من بعض في الدين، والذرية: الولد يقع على الواحد والجمع، فعلية من الذر أو فعولة من الذرء أبدلت همزتها ياء ثم قلبت واوا وأدغمت (والله سميع عليم) بأقوال الناس وأعمالهم فيصطفي من كان مستقيم القول والعمل، كذا في تفسير القاضي.
(وإن الله تبارك وتعالى لم يجعل العلم جهلا) أي لم يجعل العلم قط بمنزلة الجهل ولا العالم بمنزلة الجاهل في وجوب الاتباع بل أمر باتباع العلم والعالم في جميع الأزمنة والأعصار دون الجهل والجاهل فكيف يجوز لهذه الأمة تقديم الجاهل على العالم؟ وفيه رد على الثلاثة واتباعهم إلى يوم القيامة، وقال الفاضل الإسترابادي: فيه رد على من قال بأن الله تعالى بين بعض أحكامه على لسان نبيه (صلى الله عليه وآله) وفوض الباقي إلى ظنون المجتهدين وأفكارهم واجتهاداتهم الظنية وأمر من لم يبلغ درجة الاجتهاد الظني باتباع ظنون المجتهدين، وملخص الكلام أن الظن قد يكون باطلا فيكون جهلا لعدم مطابقة الواقع وأمر عباده باتباع العلم وهو اليقين المطابق للواقع.
(ولم يكل أمره إلى أحد من خلقه..) أي لم يكل أمره الذي هو تعيين الخليفة وتقرير الأحكام قط إلى ملك مقرب ونبي مرسل فضلا عن غيره ولكن الله تعالى قررهما وأرسل ملكا إلى رسله فقال لذلك الملك قل لهم كذا وكذا فأمرهم الملك بما يحب الله ونهاهم عما يكرهه من الأمور المختصة بهم (فقص عليهم أمر خلقه بعلم) قص الخبر قصا من باب قتل حدثه على وجهه، والاسم القصص بفتحتين، ولعل المراد بأمر الخلق كل مطلوب منهم من الأوامر والنواهي وغيرهما مما فيه صلاحهم أو الأعم منه ومما يصدر منهم ظاهرا وباطنا وقوله «بعلم» حال عن الفاعل والغرض منه أن تحديثه كان مقرونا بعلم من الله تعالى لا برأيه فإذا لم يفوض شيئا من أمر الخلق برأي ملك عظيم الشأن كيف يفوضه إلى الجاهلين (فعلم ذلك العلم) الذي علمه الله إياه وأفاضه عليه (وعلم أنبياءه وأصفياءه) كأن المراد بالأنبياء المعنى العام الشامل للرسل أيضا وبالأصفياء والأوصياء مطلقا لصدقها على الرسل والأنبياء والأئمة (عليهم السلام) فبينهما عموم مطلق لأن كل نبي صفي دون العكس، وحمل العطف على التفسير بعيد.
(من الأباء والإخوان والذرية التي بعضها من بعض) بيان للأصفياء يعني أن بعضهم آباء لبعض وبعضهم إخوان في النسب أو في الدين كمحمد وعلي والحسن والحسين صلوات الله