من أبرارهم» وفيه دلالة على أن أبرار ولده أفضل من الملائكة وأنه لا يجوز للمفضول التقدم على الأفضل في أمر الصلاة فضلا عن غيره من الرياسة الدينية عموما.
(وكبر عليه ثلاثين تكبيرة) في صلاة واحدة على الظاهر أو ست صلوات على احتمال، قال بعض العامة: كبر عليه ثلاث تكبيرات، وقال بعضهم: أربع تكبيرات كما هو المعروف عندهم اليوم.
(وقد كان يكبر على أهل بدر تسعا وسبعا) في صلاة ميت واحد أو ميتين بأن كان حضور الثاني بعد التكبير الثاني أو بعد التكبير الرابع، والأول أظهر.
(ثم إن هبة الله لما دفن أباه) في معارج النبوة دفنه في كنز وهو في غار جبل أبي قبيس، ثم نقله نوح معه في السفينة ودفنه بعد النزول منها في سرنديب (فلبث هبة الله والعقب منه مستخفين أه) دل على أن التقية كانت في شرع السابقين أيضا وهي في دين الله الذي قرره لعباده الصالحين حفظا لهم عن ضرر الفاسقين.
(وظهرت وصية هبة الله) أي ظهرت وصيته بأنه يبعث نبي اسمه نوح أو بأنه يبعث بعده أنبياء إلى نوح أو ظهر كونه وصيا لآدم لأنه كان يخفيه من الأشرار (حين نظروا في وصية آدم) دل على أن الوصية كانت مكتوبة عند هبة الله كما دل عليه قوله (وقد كان آدم (عليه السلام) وصى هبة الله أن يتعاهد هذه الوصية) تعاهده تفقده وطلبه عند غيبته أي أمره أن يطلب هذه الوصية ويتجدد العهد بها وينظر ما فيها من نوح وصفته ويطلبوه هل وجد أم لا.
(وكذلك جاء في وصية كل نبي...) أي مثل ما ذكر من وصية آدم إلى هبة الله وتبشيره بنوح وذكر نعته وأمر من يدركه بمتابعته وتصديقه جاء في وصية كل نبي إلى وصيه وإلى نبي يأتي بعده وذكر اسمه ونعته وأمر من يدركه بمتابعته وتصديقه حتى بعث الله محمدا (صلى الله عليه وآله) فإنه دفع الوصية إلى وصيه وانقطعت الوصية إلى النبي إذ لا نبي بعده.
(وإنما عرفوا نوحا بالعلم الذي عندهم) الذي حصل لهم بوصية آدم وهبة الله فعلموا بذلك العلم أنه نبي من عند الله تعالى، ولم يكن لهم التعيين والحكم بأنهم نبي من قبل أنفسهم فكذلك الوصي.
(وهو قول الله عز وجل) أي كون نوح رسولا بأمر الله تعالى ومن عنده لا بأمر الخلق (ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه) فإنه صريح في أنه تعالى أرسله ولا مدخل للخلق في إرساله.
(وكان من بين آدم ونوح من الأنبياء مستخفين) خوفا من ذرية قابيل ومن تبعهم من الأشرار ولعل المراد أن أكثرهم كانوا مستخفين وإلا فإدريس كان بين آدم ونوح وكان نبيا وسماه تعالى في القرآن ورفعه مكانا عليا (ولذلك خفي ذكرهم في القرآن) إذ لو ذكروا فيه كان المعاند العارف بأحوال الماضين ينسب الكذب إليه (فمكث نوح في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما بعد البعث، قال القاضي: روى إنه بعث على رأس أربعين ودعا قومه تسعمائة وخمسين وعاش بعد الطوفان ستين لم يشاركه في نبوته أحد) فكان نبيا وحده ولم يكن غيره في عصره نبيا بخلاف سائر الأعصار فإنه كان في عصر واحد أنبياء (وذلك قول الله عز وجل: كذبت قوم نوح المرسلين)