شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١٢ - الصفحة ٥٨
زوجتها منه، وهذا القول مدفوع بأن تحريم الأخوات على الإخوة كان ثابتا في جميع الأديان وأنه تعالى لما أراد أن يبدأ بالنسل على ما ترون أنزل حوراء من الجنة اسمها نزلة فأمره أن يزوجها من إحدى ابنيه ثم أنزل حوراء من الجنة اسمها منزلة فأمره أن يزوجها من ابنه الآخر فولد للأول غلام وللآخر جارية فأمر الله تعالى آدم حين أدركا أن يزوج ابنة الابن من ابن الابن ففعل فولد الصفوة من النبيين والمرسلين وغيرهم من نسلهما، ويدل عليه ما رواه الصدوق في أول كتاب النكاح عن زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام).
(فقرب هابيل من أفاضل غنمه) أي خيارها وجيدها (وقرب قابيل من زرعه ما لم ينق) في المصباح: نقى الشئ من باب علم نقاء بالفتح والمد: نظف فهو نقي على فعيل ويعدى بالهمزة.
(فقبل قربان هابيل ولم يتقبل قربان قابيل) واختلفا في سبب القبول وعدمه، فقيل: لأن هابيل تقرب بأحسن غنم عنده، وتقرب قابيل بأردأ قمح عنده، ووضعا قربانهما على جبل فنزلت نار بيضاء من السماء ووقعت على قربان هابيل دون قابيل، وقيل: لأن نية هابيل كانت خالصة ونية قابيل كانت غير خالصة، وقيل: لأن قابيل كان مصرا على كبيرة لا يقبل الله معها طاعة كما يرشد إليه قول هابيل (إنما يتقبل الله من المتقين).
(ثم إن إبليس لعنه الله أتاه وهو يجري من ابن آدم مجرى الدم) مثله مروي من طرق العامة أيضا قال الأزهري: معناه أن الشيطان لا يفارق ابن آدم ما دام حيا كما لا يفارقه دمه، وقال: هذا على طريق ضرب المثل، والأكثر أجروه على ظاهره وقالوا: إن الشيطان جعل له هذا المقدار من التطرق إلى باطن الآدمي بلطافة هيئته فيجري في العروق التي هي مجاري الدم من الآدمي إلى أن يصل إلى قلبه فيوسوسه على حسب ضعف إيمان العبد وقلة ذكره وكثرة غفلته، ويبعد عنه ويقل تسلطه وسلوكه إلى باطنه بمقدار قوته ويقظته ودوام ذكره واخلاص توحيده ويشهد لذلك ظواهر الكتاب والسنة ويذعن لجوازه في القدرة الربانية العقول السليمة وقد ذكرناه مفصلا في شرح الأصول.
(فانطلق آدم (عليه السلام) فوجد هابيل قتيلا) الظاهر أنه وجد مدفونا لأن الظاهر أن قابيل بعد قتله دفنه في الأرض بتعليم غراب بعثه الله يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوأة أخيه فقال يا ويلتي أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب.
(فقال آدم لعنت من أرض) وقبلت اللعن (كما قبلت دم هابيل) لعنت بكسر التاء خطاب مع القطعة التي قتل فيها هابيل وبسكونها مسند إلى ضميرها و «من» على التقديرين للتفسير والبيان لها أو للتبعيض للدلالة على أن الملعونة يعني البعيدة عن الخير ونزول الرحمة هي تلك القطعة من الأرض لا جميعها إذ للأرض قطع هي مجال للخير والفيض والبركة والرحمة وقد شاع ذم الزمان والمكان باعتبار وقوع الفعل فيهما.
(فولد له غلام فسماه هبة الله لأن الله عز وجل وهبه له) دل على أنه (عليه السلام) كان يعرف لغة العرب ويتكلم بها وقيل اسمه في السريانية شيث
(٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 حديث الرياح 3
2 حديث أهل الشام 9
3 حديث الجنان والنوق 17
4 حديث أبي بصير مع المرأة 27
5 [في حب الأئمة] 39
6 حديث آدم (عليه السلام) مع الشجرة 52
7 حديث نصراني الشام مع الباقر (عليه السلام) 71
8 حديث أبي الحسن موسى (عليه السلام) 73
9 حديث نادر 83
10 «حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله)» 91
11 حديث عيسى ابن مريم (عليهما السلام) 96
12 حديث إبليس 139
13 حديث محاسبة النفس 141
14 حديث من ولد في الاسلام 155
15 حديث زينب العطارة 167
16 حديث الذي أضاف رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالطائف 171
17 حديث الناس يوم القيامة 180
18 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 204
19 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 215
20 حديث قوم صالح (عليه السلام) 243
21 حديث الصيحة 279
22 حديث يأجوج ومأجوج 293
23 حديث القباب 311
24 حديث نوح (عليه السلام) يوم القيامة 372
25 حديث أبي ذر رضى الله عنه 417
26 حديث الفقهاء والعلماء 433
27 حديث الذي أحياه عيسى (عليه السلام) 479
28 حديث إسلام علي (عليه السلام) 481
29 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 501
30 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 517
31 حديث العابد 555
32 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 557